المنبرالحر

دينار عراقي / قيس قاسم العجرش

لو حاول أحد أن يستبدل العُملة العراقية في إحدى محلات الصرافة في بيروت أو القاهرة أو عمّان او اسطنبول، فسيجد ان دينارنا يستبدل هناك بأسعار أرخص مما لو استبدل في العراق.
لا أتحدث هنا عن فارق هامشي أو عمولة، إنما عن فرق في السعر يصل الى 7بالمائة وهي نسبة عالية. فما السبب في تصوركم؟.
لست خبيراً إقتصادياً لأفتي في الأسباب لكن يمكن هنا أن نجمع بضعة حقائق تساعدنا في فهم حركة العملة العراقية.
فقد الدينار العراقي مؤخراً ما يقرب 4 بالمائة من قيمته، وإذا فهمنا ان مقدار النقد الورقي المطروح من قبل البنك المركزي العراقي يبلغ ما قيمته 30 مليار دولار فهذا يعني خسارة تعادل أكثر بقليل من مليار دولار تحمّلها المواطن العراقي.. لأن قيمة راتبه أو مدخراته السائلة بالدينار العراقي قد انخفضت مع هذا التضخم الفجائي .
وإذا علمنا أن»ثروة» الفقراء هي مدخراتهم النقدية البسيطة والأوراق النقدية التي ينالونها يومياً لقاء عملهم، بينما تكون «ثروة» الأغنياء على شكل أموال عينية وعقارات وسلع، فهذا يعني أن الخاسر الاكبر هم الفقراء تحديداً، لأن خبز يومهم يعتمد على ما يدفع لهم نقداً وليست لديهم عقارات ترتفع أثمانها بالدولار.
لكن، لماذا فقد الدينار العراقي هذه النسبة من قيمته؟
سحبت الحكومة مؤخراً مبلغاً ضخماً عبرالأذونات الخاصة بالخزانة وذلك لتسديد مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة بعقود الخدمة. هذا يعني أن واردات النفط الخام لم تعد تكفي هذه المستحقات، وحتى يحقق العراق ريعه الصافي المعقول وجب أن يزيد الإنتاج الى ما فوق 3 ملايين برميل في اليوم وأن يرتقي سعر النفط الخام الى ما يقارب المائة دولار للبرميل..وهذه كلها خارج المتاح حالياً، بل إن هناك جهوداً دولية للإبقاء على سعر الخام عند حدوده الحالية.
المحصلة هي كالتالي: حكومتنا لم تأخذ بنظر الإعتبار أن سعر الخام يمكن أن يتدهور الى هذه الصورة، لحظة اتفاقها مع الشركات النفطية .
وحكومتنا لم تحسب حسابها أن قيمة الدينار العراقي إذا تجاوز هبوطها 10 بالمائة فإنه سيتحول الى عملة «قلقة»، خاصة بعد السحب الضخم الأخير لتسديد مستحقات الشركات.
كما أن 10 سنوات من الوظائف والتعيينات في وزارة النفط والرواتب الضخمة لم تنجح في تطوير كادر يغنينا عن الكوادر الأجنبية.
وأخيراً ..فإن الإتفاقات النفطية لم تشترط على الشركات الإستعانة بنسبة عالية من الكوادر العراقية، كي نظفر على الأقل بوظائف محلية... كل هذا لابد ان يظهر على شكل صداع يعاني منه الدينار العراقي وجيوب الفقراء.