المنبرالحر

عملية السلام تخدم تركيا والقضية الكوردية / زهير كاظم عبود

تشكل عملية تحقيق السلام في تركيا أهميتها من خلال كونها تحقق حماية لحياة الناس من الموت والحروب وتوفر فرصة البناء و الاستقرار في كلا الجانبين ، كما أنها توقف هدر الدماء وموت اعداد من الضحايا مدنيين وعسكريين ، نتيجة القتال الدائر بين القوات المسلحة التركية والثوار الكورد في تركيا ، بالإضافة لكونها تشكل خطوة مهمة لاستقرار المنطقة بشكل عام وتركيا وكوردستان بشكل خاص ، وتلغي حالة الاستنفار الدائم التي يعيشها ابناء المنطقة .
ومهما كانت الحلول والمبادرات والاستعدادات ، فإنها لن تكون جدية مالم تكن هناك بوادر على حسن النية ، وخطوات ملموسة تشكل ترجمة حقيقية للأيمان بحق الآخر ، والاستعداد التام للإقرار بحق الاخر من خلال الحوار ، وهذه الخطوات تشكل قاعدة يمكن الاستناد عليها، وبالتالي الأخذ بعين الاعتبار الدور القيادي والمهم للسيد عبد الله اوجلان ومساهماته الفكرية والثورية باعتباره زعيما لحزب العمال الكوردستاني ، واستعداد الحزب لأن يوقف القتال ويلقي بالسلاح أمام الإقرار بالحقوق المشروعة لشعب كوردستان في تركيا .
ومن بين أهم تلك الخطوات أن يكون السيد عبدالله اوجلان قائد الحزب موجودا وحاضرا في تلك المباحثات والحوارات التي تجري بعد إطلاق سراحه ، وبعد كل تلك الفترة التي تم فيها تقييد حريته دون سبب قانوني او شرعي منذ العام 1999 وحتى اليوم .
أن اطلاق سراح الزعيم الكوردي عبدالله اوجلان سيشكل بادرة ايجابية على حسن النية لدى السلطات التركية ، وسيفتح الباب للحوار والدعوة للمباحثات السلمية واسعا ، و خصوصا انه يؤكد ولأكثر من مرة ضرورة ان تصمت البنادق ويعلو صوت الحوار ، فانه يدرك ان تلك الحلول لن تأتي عبر القتال والرصاص وخسارة الأطراف المتحاربة جميعها ، وهو موقف مبدأي وأنساني طالما التزم به وحزبه ، وهي بنفس الوقت فرصة تاريخية للسلطات التركية ، و وكان عبدالله اوجلان قد عبر عن هذه المرحلة بانها مرحلة جديدة في الكفاح ، فقد تم الانتقال من المعارضة المسلحة الى الكفاح السياسي ، فيما لو جنحت السلطات التركية للسلام الجدي والفعال ، وقد دفع شعب كوردستان في تركيا ثمنا باهظا من اجل تحقيق مطالبهم وحقوقهم المشروعة ، و لن تذهب اي من هذه التضحيات الكبيرة هباء ، فقد كسب الكورد هويتهم الخاصة وأدركوا قوتهم في اصرارهم على المطالبة بحقوقهم المشروعة والتي ستتحقق طال الزمن ام قصر ، ومن خلال موقفهم الموحد وتكاتفهم .
وقد جددت حكومة اقليم كوردستان العراق دعمها لعملية السلام بين حزب العمال الكوردستاني الـ(PKK) والحكومة التركية ، فيما أبدت استعدادها للمشاركة ووضع الخطوات للتعاون في انجاح عملية الوصول الى حلول مشتركة ومقبولة لدى الأطراف المتحاربة ، دون التفريط بحقوق شعب كوردستان .
كما رحبت حكومة إقليم كوردستان العراق بالخطوات الأخيرة الداعمة لعملية السلام ورحبت بالمعالجات لتحقيق هذه العملية ، والتي تضمنت عشرة بنود خاصة ، في حين اكدت القيادات الميدانية لحزب العمال بأنها لن تلقي السلاح مالم يحضر زعيم الحزب السيد عبدالله أوجلان ، وتلك المطالبات مشروعة وداعمة للسلام ، وتجسد حسن النية الحقيقي لدى الطرف الآخر ، وتكشف حقيقة المساعي الجادة لتحقيق السلام .
وكان السيد اوجلان قد دعا قبل أيام اعضاء الحزب ومقاتليه الى إلقاء السلاح وإيقاف القتال الذي أستمر منذ 30 سنة ، في مسعى ملموس لدعم عملية السلام ، وجعل الكرة مرمية أمام الهدف التركي الذي عليه أن يبادر الى استغلال هذه المبادرة من أجل حماية شعب تركيا ومستقبله والتسريع لتحقيق الأمن والسلام .
وتشكل الشخصيات القيادية في إقليم كوردستان العراق لاعبا اساسيا ودورا مهما من خلال تبنيها لدعم الحوار والاستماع الى وجهات نظر الطرف الآخر ، بالنظر لكون هذه المحاور تشكل دعما لعملية السير على طريق السلام وإنهاء القتال بالنظر لأهميته في استقرار المنطقة بشكل عام وكوردستان وتركيا بشكل خاص ، بالنظر لما تتمتع به من مصداقية وتجربة وحكمة في قراراتها وعلاقاتها .
وستكون بادرة حسن نية في الاستجابة للمطالبات الشعبية والدولية والإنسانية لتحقيق السلام وإيقاف القتال الدائر في تركيا ، كما ستكون خطوة اطلاق سراح عبدالله اوجلان دليلا اكيدا على عزم السلطات التركية الجاد لإيجاد الحلول المشتركة والإنسانية لهذه القضية ، كما سيكون اطلاق سراحه دليلا وقرينة على الاستجابة الى روح القانون وتمسك السلطة التركية واحترامها لدستور تركيا ولمنهج حقوق الإنسان حتى يمكن ان ترتقي الى مستوى المنزلة التي تشترك بها دول الاتحاد الاوربي .
ان طريق السلام غير معبد بالورود ، وعلى الأطراف المتحاربة أن تسعى الى ايجاد الحلول المشتركة من أجل حقن الدماء لأنهاء الصراع الدائر ، ، وعلى المخلصين لقضايا شعوبهم ان يعبروا عن رغبتهم الأكيدة في ايجاد الحلول الإنسانية التي تنسجم مع حقوق الإنسان وقضية الحريات الأساسية ، وعلى المخلصين الذين يريدون لتركيا ان تتطلع الى مستقبل شعبها وأمنها ، ان تسعى الى استثمار الحلول المنطقية التي اطلقها عبدالله اوجلان في اكثر من مناسبة ، وان تتمعن في جدية اطلاق سراحه من الأسر الذي تجاوز المنطق والعقل ، ان كانت السلطة التركية جادة وأكيدة للتوصل الى الاستقرار والتقدم ، وأن تعتمد على قيادة الكورد انفسهم في التوصل الى المشتركات .