المنبرالحر

الأنا .. الى أين؟ / سعاد الكناني

احيانا عندما تكبر (الأنا) في تكوينة الأنسان, تبعده عن كل ماهو جميل وانساني في تفاصيل الحياة، او تجعله معزولا وينكره الآخرين، أو ساذجا ومحل تنًدر من جانبهم.
احيانا نود ان نشاهد او نستمع الى حديث او حوار او خطاب لشخص ما، لكن سرعان ما نكره الساعة التي شاهدناه فيها وانصتنا اليه، اما بسبب سذاجة اسلوبه أو المبالغة في طرحه أو الثناء لشخصه.
قبل أيام كنت اشاهد احدهم وهو يتحدث عن مبادئه, وينتقد كل الظواهر السلبية ويلقي بمسؤوليتها على الآخرين. استغربت ما كان يذكر: هل تراه يتوهم أن المشاهد بمثل سذاجته، وتنطلي عليه اكاذيبه؟
ندمت لأني تابعت ما يقول، وذكرًني حديثه بسنوات التسعينات وكنت وقتها في موقع عملي. كانت هناك لجنة نقابية يترأسها احد الأعضاء, وعندما يدعو العمال للاجتماع كانوا يتذمرون ويقولون: نعرف بماذا يبدأ ..وكيف سينهي خطبته.
قررت في احدى المرات ان اتابع خطابه. بعد ان حيا الحاضرين بدأ خطبته بـ (أنا واعوذ من كلمة أنا). عندها همس احد العمال (بدينه؟ لاتكًول ولا تتعوذ) قال موجها كلامه للعمال: أنا منكم ولا اختلف عنكم ..انتم وانا نرتدي بدلة العمل الزرقاء، ولكن ما يميّزني عنكم هو أنها تليق بي اكثر مما بكم، وهذا فضل من الله.
احد الواقفين قال: ها قد بدأ يكيل المديح الى شخصه.
في احدى المرات كان النقابي المزعوم هادي مكًلفا بواجب حزبي، وكان يرتدي الزيتوني. جمع العمال وبدأ خطبته (اخوان كلنا نرتدي الزيتوني ولكن ..) ثم تدارك ما كان يمكن ان يقع فيه وهو يريد القول انها تليق به اكثر منهم، فقال: (الزيتوني يلوك للرئيس القائد حفظه الله ورعاه ولكل الرفاق ).
امتعض العمال، فقد كانوا يتمنون له ان يقع في الخطأ. وقال احدهم بصوت خفيض: (حظي عدًل حجايتك .. لو مستمر جان جلدك راح للدباغ ..).
تفاهة خطبة هادي حولت القاعة الى همس وضحك مكتوم .. احدهم قال بعد ان لكزه صديقه محذرا من الضحك: انا عامل ..ولا توجد درجة نائب عامل. ممن اخاف؟
اتذكر هذا واقول: هل يدرك البعض ان المشاهد ذكي، ويعرف مصداقية البعض وكذب البعض الآخر؟ وأن هذه السنوات اسقطت الكثير من الأقنعة؟ فلم يعد المواطن ساذجا تبهره المظاهر والكلمات ..