المنبرالحر

أطباء بلا.. أمان! / د. سلام يوسف

الدلائل واضحة للعيان منذ أمد ليس بالقصير، دلائل على الانفلات الأمني الناتج عن هشاشته مما يدل على أن الجهات التي من المفترض أن تحرص على أمن المواطنين وتسهر عليه؛ أما أنها مشتركة بانفلاته أو أنها هزيلة الى حد لا يمكنها أن تقوم بواجباتها القانونية، وفي جميع الأحوال فالذي يجري هو تحصيل حاصل للفوضى السياسية التي أنتجتها المحاصصة الطائفية والأثنية.
واستهداف الأطباء وفق مسلسل الإرهاب يعاود الظهور بين آن وآخر، ما هو الاّ أحد أهم الدلائل على فشل الحكومة في توفير الأمن والأمان للمواطنين من جانب ومن جانب آخر يدل على أن الأرهاب يعي ماذا يفعل ويعي أين يضع بصماته في رسالة واضحة وصريحة للسياسيين المتسلطين على مصير البلد ،بأنه هو الأقدر على هز كيان الدولة العراقية.
وليس هذا فحسب ،فالأطباء قد تعرضوا وما زالوا يتعرضون الى الأرهاب الأخلاقي (ان صح التعبير) من قبل النزقين والشقاوات الذين يستخدمون السلطة التي في متناول أيديهم أو يستخدمون وسائل عشائرية تسيء لعشائرهم بالدرجة الأساس وعشائرنا بريئة من هذه الأفعال المشينة، وهذا مايذكر ايضاً بافعال مماثلة ايام النظام المقبور في الوقت الحاضر فقدَ الطبيب هيبته وكرامته في ظل النظام الإداري الفاشل الذي تديره مجاميع المحاصصة إياها.
أن الإرهاب يستهدف العناوين ذات التأثير الميداني وذات الصلات المتعددة والمتشعبة في المجتمع، فيكون وقع الفعل الدنيئ أقوى ، وهذا ما يشير الى أن ما يعصف بالبلاد هو إرهاب منظم متسلل من كل الثغرات الموجودة في الجدار الأمني العراقي، وهو جدار هزيل لا يشكل حيزاً في تفكير السادة المسؤولين لأنهم مهتمون بالأسوار الأمنية الخاصة بحماية أنفسهم غير مبالين بحماية عموم الشعب.
أن استهداف الأطباء جزء من استهداف الشعب كله ،ولكن الغريب في الأمر ردود الفعل الخجولة من قبل وزارة الصحة ونقابة الأطباء العراقية، بل والأدهى من ذلك أن وزارة الصحة ليس لها علم بأن «قانون حماية الأطباء»قد تم إقراره من قبل البرلمان وسيرسل الى رئاسة الجمهورية وسينشر بالجريدة الرسمية خلال أسبوعين، والسؤال الذي يفرض نفسه، هل أمن وأمان الأطباء يتحقق بالقوانين؟ أم أن أمنهم جزء من أمن البلاد والذي لا يمكن أن يتحقق الاّ بالقضاء على أسبابه!
لم يبق أمام الأطباء الاّ أن يفكروا وينفذوا الوسائل التي تُبقي على حياتهم ومنها الهجرة! وبذلك وصل أعداء الشعب والوطن الى مبتغاهم وهو إفراغ الوطن من كوادره العلمية، ليعود الشعب الى عصور الجاهلية غير حي يعيش في وطن قاحل اجرد من القيم الإنسانية والعلمية والاجتماعية.
أننا نطالب الرئاسات الثلاث بتحمل مسؤوليتها التأريخية في حماية ثروة البلاد العلمية من الكفاءات الطبية ووضع خطط أمنية مشددة تسد فيها كل الثغرات التي ينفذ من خلالها أعداء التأريخ والإنسانية.