المنبرالحر

وزارة المولّدة / قاسم السنجري

في الايام الماضية، مرّ على اسماعنا تصريحان، يثيران الأسى والحزن، ويكشفان مدى التحامل الكبير لبعض مسؤولي الدولة والحكومة على المواطنين، وعدم اكتراثهم بتحميل هؤلاء ما لا يطيقون.
التصريح الأول لرئيس مجلس النواب سليم الجبوري، الذي ألمح في لقاء مع قناة «روسيا اليوم» الى أن الحكومة العراقية قد تضطر إلى خفض رواتب موظفي الدولة في حال استمرت أزمة هبوط اسعار النفط، غير أن مكتب الجبوري نفى هذا التصريح بالرغم من كونه تصريحا متلفزا تحدث فيه الجبوري بالصوت والصورة.
أما التصريح الثاني فهو لوزارة الكهرباء حول التعرفة الجديدة لأسعار الطاقة الكهربائية الواصلة إلى المواطن، حيث تقول الوزارة وعلى لسان المتحدث باسمها أن «من يقوم باستهلاك خمسة امبيرات لمدة 24 ساعة ولمدة شهر كامل ستأتيه 15 ألف دينار، و40 ألف دينار لكل عشرة امبيرات، و85 ألف دينار لكل 15 امبير، و135 ألف دينار لكل 20 امبير»، مبيناً أن «من يتجاوز استهلاكه الـ 60 امبير لـ24 ساعة ولمدة شهر كامل فستصل التسعيرة الى 750 ألف دينار». وبهذا التصريح تحقق وزارة الكهرباء حلمها في ان تتحول إلى مولدة كبيرة وتتعامل مع المواطن المستهلك للطاقة الكهربائية بحساب الأمبير وليس بالكيلو واط وحدة القياس المتعارف عليها عالميا في قياس استهلاك الطاقة.
إن الربط بين التصريحين المذكورين آنفاً، هو أن المواطن سيكون بين المطرقة والسندان، مطرقة هؤلاء المسؤولين في السلطة التي لم تجد حلاً لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد سوى التقشف في رواتب الموظفين فقط، وأما السندان فهو ارتفاع اسعار الخدمات المقدمة من قبل الحكومة وبشكل مبالغ فيه، حيث تضاعفت اسعار الطاقة الكهربائية إلى ثلاثة اضعاف.
إن وزارة الكهرباء تعاملت كأي صاحب مولدة حينما وضعت هذه التعرفة المعتمدة على سعر الامبير وليس الكيلو واط، إذ ان الدول حين تقدم خدمة الطاقة الكهربائية لمواطنيها، فهي تقوم باحتساب مقدار الاستهلاك بوحدة الكيلو واط، وبهذا ترتكب وزارة الكهرباء أول مخالفة في طريقة الاحتساب، وتحاول أن تجبر المواطن على أن يقضي صيف العراق بمروحة واحدة، حيث أننا لو احتسبنا أن البيت العصري يقوم باستهلاك ما مقداره 60 امبير، اي ما يعادل 12 كيلو واط تقريباً ولو قارنا مقدار الاستهلاك مع احدى دول الجوار فالكويت مثلاً تقوم بتجهيز مواطنيها بـ أول ( 50 ك.واط) مجاناً، أما ثاني 100 ك.واط فما فوق بسعر 40 ديناراً كويتياً أي ما يعادل 120 دولاراً اميركياً، بينما وزارة الكهرباء العراقية تريد أن تبيع الـ12 كيلو واط على المواطن العراقي بأكثر من 650 دولاراً أميركياً! أي شعور بالمسؤولية وضع هذه التسعيرة المجحفة؟ واي عقل تجاري يريد ان يسحق المواطن العراقي ويحرمه من خدمة هي اصلا مفقودة وغير مستقرة، في حين يتوجب عليه سدادها. إن عذر الوزارة واللافتة الكبيرة التي رفعتها هما توفير واردات للدولة، في حين قامت وزارة الكهرباء (والعهدة على من أوصل الينا الخبر) بشراء اسطول من السيارات المصفحة قبل اسابيع بالرغم من توافر هذه السيارات المصفحة في الوزارة ولا يوجد مبرر لاقتناء سيارات جديدة في وقت تحمل فيه الوزارة راية التقشف!