المنبرالحر

جبل شنكال (سنجار) جرح نازف.. حقيقة ما جرى ومن المسؤول الأول عن هذه المذبحة / عادل حاتم

حدثني احد السنجاريين من ناحية سنوني بأن له أبنتين واحدة استشهدت في الجبل في وقت الحصار ودفناها وعَلمنا قبرها و نعرف مكانه، أما البنت الأكبر فقد خطفتها عصابات داعش. وكل يوم يسألني ابني الصغير عن أخته نقول له ماتت و دفناها، ولكنه يقول أعرف ذلك أنا أسأل عن أختي الأخرى وقبل أن يُكمل حديثه سال الدم من عينيه مختلطا بالدمع.............ثم أستأنف قائلا : لو أننا دفناها مع أختها كان أهون علينا.
ومن هنا يبدأ سؤالي الأول إلى رئيس الحكومة السابقة والذي هو المسؤول عن المؤسسات العسكرية والأمنية: هل كان بالإمكان أن لا يحدث هذا القتل و السبي في سنجار؟ أعتقد أن الجواب هو نعم كان ممكن أن لا يحدث هذا، لا يموتُ طفل عطشا ولا يـُقتل ُرجلا ذبحا ولا تؤسر امرأة وتصبح سبيية ، وللتوضيح سوف أتناول الأحداث بالترتيب الزمني:
1- في يوم 10-6 -2014 سيطر داعش على الموصل المدينة (المركز) فقط أي أن أكثر من ثلث الموصل لم تسقط بيد داعش وأكثر من مليون إنسان كان خارج سيطرة داعش وفي هذه المنطقة يوجد جيش عراقي وشرطة محلية واتحادية و قوات من البيشمركة يعني هذا أن الموصل لم تسقط الذي سقط بيد داعش هو نصف المحافظة لكن كذبة سقوط الموصل هي التي خيمت على عقول الكل بدون استثناء من ابسط مواطن الي أعلى مسؤول في الدولة، سُلمت الموصل إعلاميا وعمليا الي داعش وهذا ما شجع داعش للسيطرة على المحافظة بشكل كامل دون قتال، في الأيام الأولى كانت أعداد داعش قليلة وغير قادرة على التحرك باتجاه سهل نينوى لعدم وجود حواضن لها في تلك المنطقة أولا وكبر مساحتها ثانيا.
2- في يوم 3-8 -2014 هاجم داعش قضاء سنجار و النواحي و المجمعات التابعة له.
3- بين يوم 10-6 و يوم 3-8 2014 ثلاثة وخمسون يوما وفي الحسابات العسكرية وتكتيك المعارك يعتبر هذا الفرق كبير زمنيا، فلو كان أي مسؤول سياسي مدني يمتلك ذرة من الشعور الوطني أو أي قائد عسكري يمتلك شيئا من المهنية لأستقرء ما سيحصل من كارثة لاسيما وأن قوات داعش هاجمت تلعفر في يوم 24-6 -2014 أي بعد أكثر من عشرة أيام أصبحت تلعفر تحت سيطرة داعش، وقد تبخر أي وجود للقوات الاتحادية خلال الأيام العشرة من القتال في تلعفر واستطاع نصف الأهالي من المدينة (الشيعة ) الانسحاب باتجاه سنجار و من ثم الي فيش خابور في دهوك. كان سقوط تلعفر المؤشر الثاني لقرب المجزرة و السبي، وقد كتبت في حينها رسالة موجهة إلى الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم أوضحت فيها أن القادم اخطر و أبشع وأكثر كارثية من سقوط مركز مدينة الموصل، اتركوا خلافاتكم و كفوا عن اتهام بعضكم بالخيانة والتأمر و الشتائم ولتخرسوا أصوات الطائفيين و تجار السياسة من تصعيد الخلاف و أنقذوا سكان سهل الموصل قبل فوات الأوان، لكنَّ خلافاتهم ومواقفهم السياسية كانت أهم من دماء مئات الآلاف من العراقيين وأغلى من ارض العراق، قوات داعش بدأت تقترب من سنجار وقد التحق بها بعضا من عشيرة المتيوية و عشيرة الحيدية و عشيرة خاتون والذين هم عشائر عربية سنية يسكنون بالقرب من سنجار، وكان المؤشر الثالث لقرب المجزرة هو أن الحكومتين الاتحادية والإقليم غارقتان في بحر من الشتائم، تطوع لإشعال فتيلها برلمانيون وسياسيون وصحفيون ومثقفون، وتحولت الفضائيات إلى ساحة للصراع من كلا الجانبين، وقد وصل تداول الشتائم إلى الشوارع والأزقة و لمقاهي و البيوت ونسي كل هؤلاء ما سيحدث وما هو قادم من كارثة أنسانيه. كانت تحركات داعش واضحة وتشير إلى قرب الهجوم كانت القوة العسكرية الموجودة في سنجار تتكون من الاسايش (جهاز أمن كردستان) و حمايات مقر فرع الحزب الديمقراطي الكردستاني، خلال هذه الفترة لم تعزز هذه المجاميع بقوات إضافية وكأن تحرك قوات داعش لا تعنيهم، وفي ليلة 3-8-2014 الساعة الثانية عشر ليلا بدء قصف شديد على قضاء سنجار بعدها تحركت همرات تحمل رشاشات ثقيلة، كانت المقاومة ضعيفة وفي الساعة السابع صباحا كشف ضوء الشمس عن وجوه بشعة يرتدون لباس أفغاني ينتشرون في شوارع المدينة و يبدو أن القوات الكردية الموجودة في المدينة انسحبت قبل هذا الوقت، صباحا كان الوحوش مدججين بالسلاح و السكاكين و السيوف يذبحون و يعدمون ويعزلون النساء عن الرجال و ابعدوا الأطفال بعد دخولهم قضاء سنجار، بدءوا رحلتهم الدموية باتجاه القرى و النواحي والمجمعات السكنية دون رادع أو أي مقاومة من أي طرف لا في بعض المناطق ولا في أخاديد الجبل .استطاع بعض الأهالي في القرى والنواحي من الهروب صوب الجبل قبل وصول داعش لهم(جبل سنجار يختلف عن كل جبال العراق لا توجد فيه عيون ماء مثل الجبال الأخرى ) إلا أبار ماء تنتشر أسفل الجبل والتي سيطر عليها داعش وهذا ما سبب بموت الكثير عطشا في الأيام الأولى من الكارثة .استطاع بعض المقاتلين من التصدي لداعش في بعض المناطق وأهمها مزار شرف الدين و في سفح الجبل قرب سنوني، وقد حالوا دون وصول داعش إلى سفح الجبل وفي نفس الوقت وصل مقاتلون من قوات حماية الشعب الكري السوري من جهة القامشلي (المدينة السورية القريبة من سنجار) عبروا الحدود السورية العراقية ودخلوا بمعارك شرسة ضد داعش و أجبروهم على التراجع في مهاجمة الأهالي الذي تجمعوا في السفح، كان لوصول هذه القوة الدور الكبير بإنقاذ عشرات الآلاف من أهالي سنجار، بعد أن منعوا وصول داعش إلى السفح بدءوا بمساعدة الأهالي للعبور إلى الأراضي السورية ومن ثم عبورهم إلى الأراضي العراقية في منطقة الفيش خابور وكان لهم الدور الأكبر بصمود الجبل و حماية الأهالي الذين قطعت عليهم طرق الانسحاب وما زالوا يقاتلون الدواعش في سنجار. لو فكر القادة السياسيين و العسكريين في الحكومة الاتحادية و حكومة الإقليم مليا و حصنوا هذه المناطق لما جرى ما جرى لو قاتلت القوة العسكرية الموجودة في سنجار ليلة 3-8 أربع و عشرين ساعة و طلبت من الأهالي الرحيل لكان باستطاعتهم الانسحاب عبر الطريق الرابط بين سنجار و الفيش خابور ولوصل الجميع بسلام دون حصول المجزرة، لو حصل الأهالي على بعض السلاح لما حصلت المجزرة. في يوم 10-8- 2014 سيطر داعش على عشرات البلدات و النواحي ومئات القرى دون أطلاق رصاصة واحدة بعد أن طلب من الأهالي في سهل نينوى النزوح باتجاه حدود الإقليم تضاعف عدد النازحين و زادت مأساتهم انتهت المرحلة الأولى من المأساة. في المرحلة الثانية لم يتغير من سبب في هذه الكارثة الوطنية، ما زالوا يمارسون السلطة ولان عقولهم عقيمة و روحهم خالية من الوطنية و الإنسانية، فأن أكثر ما فكروا فيه هو توفير الخيام والكرفانات و المليون دينار ليفتحوا بابا جديدا للفساد السرقة، لم يفكر أي منهم بإعادة النازحين إلى قراهم و مدنهم، وربما هناك من يسأل هل بالإمكان أعادة النازحين إلى قراهم؟ نعم كان بالإمكان ذلك، لأن حرارة الصيف ارحم من برودة الشتاء في عراء كردستان ويبدو أن هذه الصورة كانت غائبة عن عقول القادة السياسيين والعسكريين المنهزمين أولا تهمهم مأساة شعبهم. في هذا الوقت قمت باستطلاع ميداني في سهل نينوى ومع التجربة التي اخزنها و معرفتي السابقة لهذه المنطقة جمعت معلومات كثيرة وتوصلت إلى قناعة أن من الممكن أرجعا نازحي سهل نينوى إلى أراضيهم و بيوتهم قبل حلول فصل الشتاء، في أوائل شهر العاشر 2014 حدثت تغيرات تغير كثيرة أهمها تشكيل حكومة جديدة (حكومة السيد العبادي ) والتقارب والتفاهم السريع الذي حصل مع حكومة الإقليم، أعادت البيشمركة توازنها، ظهور مقاتلين الجبل الأيزيدين، تسلح الكثير من الشباب المسيحي و استعدادهم للقتال وجود مقاتلون من التركمان و الشبك واستعداهم لقتال داعش، ابسط قوانين الحرب واعقدها كانت تميل لصالحنا حيث أن المناطق التي كان ممكن تحريرها قبل فصل الشتاء الماضي من سنجار غرب الموصل شمالا إلى الحمدانية شرق الموصل جنوبا مرورا بكل القرى و المدن شمال الموصل أهم نقاط الضعف في داعش:
1- لا وجود حواضن لداعش في هذه المنطقة
2- طبيعة المنطقة الجغرافية
3- عدم معرفة داعش لطبيعة الأرض
4- لا يتجاوز مقاتلوا داعش أكثر من 4000 في منطقة سهل نينوى
5- القصف المتواصل لطيران التحالف الدولي نقاط قوتنا في السهل وبالمقابل:
1- يتواجد في سهل نينوى ما يقارب700 مقاتل أيزيدي و 700مقاتل تركماني و500 مقاتل مسيحي و مقاتلين من الشبك كلهم مدربين وجاهزين لخوض المعركة
2- هؤلاء المقاتلون يعرفون طبيعة الأرض و مدنهم.
3- سهولة تواجد 2000 مقاتل من قوات البيشمركة للاشتراك في المعركة كل هذه القوة التي تصل إلى ما يقارب 4000 مقاتل مسلح.
4- تعزيز هذه القوات ب 4000 مقاتل من الجيش العراقي الجاهزين للقتال المجموع 8000 مقاتل لا أريد الخوض بالتفاصيل الإستراتيجية والتكتيكية في طريقة القتال لأنها تطول كان على حكومة العبادي و حكومة الإقليم ان تعيد العوائل إلى بيوتهم قبل الشتاء لكي لا تحدث الكارثة الإضافية لهذه العوائل النازحة، ولكن يبدو الجميع مصابون بالوقر فلم يسمعوا ربما حتى أصواتهم.