المنبرالحر

جسر النازحين / قيس قاسم العجرش

نصف سكان العراق غيّروا محال سكناهم كنتيجة مباشرة للأحداث الأمنية التي حصلت في البلاد منذ عام 2003 ولغاية اليوم.
ثلاثة ملايين نازح تركوا سكناهم منذ حزيران 2014 لغاية اليوم.
ومائتا ألف تركوا مدينة الرمادي هرباً من تحولها الى ساحة قتل وقتال في المواجهة مع عصابات داعش.
الأمر يبدو قاتماً جداً، لكنه من زاوية أخرى مؤشر لأمل حقيقي في إفشال ما تمكّن الإرهاب من الإدعاء به على مدى إثني عشر عاماً مضت.
ما هو هذا؟
تمكن الإرهاب من التخفّي بشكل خبيث بين براءة المدنيين، شوّه سمعتهم وجعلهم يبدون كما لو أنهم يخفونه عمداً. تمكن التطرف من إرتهانهم وأسرهم والتحكّم بحياتهم، وأكثر من هذا، سمح وجوده بين صفوف المدنيين أن يقال أنهم حاضنة له وهم ليسوا كذلك.
اليوم، ومع ألم النزوح والإهانة التي يشعر بها النازح كريم الدار بعيداً عن داره ومقداره، أقول إنها فرصة حقيقية لإعادة مدن العراق التي نزحوا منها الى وطنها بلا إرهاب وبلا متطرفين، نقية خالصة لأهلها.
تكريت عادت بثمن غالٍ يقاس بالدم، فالأولى أن تعاد الى أهلها مدينة خالية من الإرهاب وأنصافه وأرباعه وكل أشكال الإختباء التي كان يمارسه فيها، وان تحصّن ضده.
اليوم مع نزوح أبناء الرمادي الى بغداد، ثبت لهم كما كان ثابتاً من قبل إن الذين رفعوا شعارات» قادمون يا بغداد»! إنما كانوا من عُتاة المحرضين والمُمهدين لدخول الإرهاب والتطرّف، فلم نجدهم في الأنبار حين اعتدت عصابات داعش ولن نجدهم حين تهبّ الغيرة في ابناء العراق لتحريرها.
سنة كاملة وهم يحرّضون بالضد من الجيش العراقي ويدّعون انه اعتدى على نساء الأنبار، واليوم نجد ذات النساء وقد افترشن الأرض والتحفن السماء فيما لم ينطق هؤلاء المدافعون عن العرض زيفاً.
الأنباري القادم الى بغداد إنما يـُثبت بالقول والفعل، إنه ترك داره وماله وعيشه من أجل ألا يكون جزءاً من الذين تختبئ داعش بين جلودهم. رفض البقاء ضمن كيان الشر المُسمى «تنظيم الدولة الإسلامية»، بينما قبل آخرون أن يتوافقوا مع دعواته.
وهل اكثر من هذا إثبات؟! لكن من الضروري أن يتم استثماره في هذه اللحظات القلقة والحرجة بالذات.
اتمنى ألا تطول هجرة الأنباريين كما طالت هجرة الموصليين حتى هذه اللحظة ..
لكن التمنيات تحتاج أيضاً الى قواعد أخلاقية تحفّ بها وتمنعها من البقاء في قائمة الامنيات فقط.