المنبرالحر

نريد.. ولا نريد! / محمد عبد الرحمن

كثيرة هي التصريحات التي تناولت وتتناول دور التحالف الدولي في الحرب الدائرة الآن ضد الارهاب وتنظيماته وبالاساس داعش منها.
وفيما اخذ المجتمع الدولي يستشعر المخاطر المحتملة من تمدد داعش واحتلاله العديد من المدن في سوريا والعراق، واعلانه مسؤوليته عن تفجيرات اجرامية حدثت في بعض البلدان، اصدر مجلس الامن ثلاثة قرارات مهمة هدفها تجفيف منابع تمويل داعش والحد من امكانياته على التجنيد، وفرض عقوبات مشددة على الدول التي تتساهل في ذلك. وبناء عليه بادر العديد من الدول الى توفير ما يحتاجه العراق من سلاح واسناد عسكري، وتوفير غطاء جوي، وقصف مواقع داعش وخطوط امداده.
ولم يأت هذا بمعزل عن طلب الحكومة العراقية وتقديراتها للحاجة الى الدعم جراء الضعف في سلاح الجو او في نوعية ما هو متوفر، اضافة الى الحاجة للتدريب والتأهيل، والدقة المطلوبة في اصابة الاهداف وتجنب الحاق الاذى بالمدنيين والبنى التحتية. وجرى الاعلان عن ان تأمين هذا الدعم يتم بالتنسيق مع الحكومة العراقية.
وعندما تطلب الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة ذلك فانهما على معرفة بالنواقص الموجودة في قواتنا المسلحة من حيث نوعية الاسلحة وكفايتها، ومدى القدرة على استخدام الحديث منها. ولا بد من التأكيد ان هذه الدول، وفي مقدمتها امريكا، لم تقدم هذه المساعدات لسواد عيون العراقيين، بل لانها وغيرها من الدول، وخاصة الاوربية، تدرك مخاطر داعش على امنها الوطني، وهي تريد اولا وقبل كل شيء حماية مصالحها والدفاع عنها.
وقد جرى التأكيد ان تأمين هذا الدعم هو اجراء مؤقت ضروري استوجبه ظرف طارىء، وحاجة ملحة، وفي جميع الاحوال لن يكون ذلك على حساب استقلال العراق وسيادته، او يؤدي الى الحد من قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات وفقا لمصلحة المواطنين العراقيين، الآنية الراهنة والمستقبلية، كما يفترض ويتوجب.
ان هذا الدعم لا يختلف في شكله عن اشكال الدعم الاخرى المقدمة من دول عديدة، مثل الجارة ايران التي رحب رئيس الوزراء بما تقدمه مع التشديد على مراعاة سيادة العراق واستقلاله.
هذا الموقف يبدو انه لم يقنع كل الاحزاب والكتل السياسية، خاصة التي تملك فصائل مسلحة ضمن الحشد الشعبي او خارجه. وكان ان ولـّد ذلك اضافة الى ما ارتكبته عناصر فاسدة محسوبة على الحشد الشعبي من انتهاكات في المناطق التي حررت مؤخرا من داعش، صعوبات جدية في مجرى المعركة ضد التنظيم الارهابي.
ومعلوم ان الحشد الشعبي، شأن التحالف الدولي، فرضته ظروف المعركة والهزيمة العسكرية والامنية والسياسية التي رافقت احتلال داعش للموصل، وتمدده الى غيرها من المحافظات. وفيما لا تزال المعركة في بدايتها يتوجب ان يحسم هذا الجدل بنحو يضيف عناصر قوة في الحرب ضد داعش، تحول دون فقدان الاراضي التي حررت وقدمت ضحايا عزيزة من اجل تحريرها، وتمنع استغلال داعش هذه الثغرات للنفاذ منها والسيطرة على اراضٍ غير التي تطرد منها، كما يحصل الآن في الرمادي.
وان على البعض من السياسيين، خاصة من النواب، التوقف حالا عن التشويش، وعن اعلان موقف وعكسه في ساعات او ربما اقل. فذلك مربك للتوجه نحو مقاتلة داعش، ومؤثر سلباً على معنويات المقاتلين، وعلى تفعيل كافة العناصر في الحرب ضد الارهاب وتأمين الانتصار فيها.