المنبرالحر

لا تغلقوا كوة الأمل مجدداً! / مرتضى عبد الحميد

بعد تحرير تكريت ومدن محافظة صلاح الدين الأخرى، من دنس عصابات «داعش» نبتت للفرح أجنحة في نفوس العراقيين المحبين لشعبهم وبلدهم، واستدل طائر الفينيق بسهولة على كوة الأمل التي انفتحت بهذا النصر الكبير، ليدخل من خلالها، ويحلق في سماء العراق الملبدة بكثير من الغيوم السوداء.
إن الدلالات الفعلية والرمزية لهذا الانتصار كبيرة إلى حد استثنائي، سيما وانه اقترن بتنسيق وتعاون ووحدة القوى العراقية المقاتلة، من جيش وشرطة وحشد شعبي ومن أبناء العشائر.
وكان أبناء شعبنا العراقي يطمحون إلى أن تتسع هذه الكوة من الأمل، ويتواصل التعاون والعمل المشترك، لتطهير بقية الأراضي المستلبة (من هؤلاء الأراذل)، رغم أن هشاشة الانتصار كانت بادية ومعروفة للكثيرين، ليس نتيجة قوة «داعش» كما يروج لها المغرضون، ولا بسبب عدم جدية قواتنا المسلحة والمتطوعين، وإنما بسبب الخلافات التي أطلت برأسها حتى إثناء أيام التحرير، والمستندة في كثير من جوانبها وإبعادها إلى أجندات خارجية، أو أجندات لسياسيين فقدوا آخر ما تبقى من ضمائرهم، وباعوها بأبخس الإثمان في سوق الأنا المتورمة، والمصالح الشخص?ة الأنانية أو الحزبية الضيقة، أو الطائفية، ضاربين عرض الحائط بتطلعات وآمال كل مواطن عراقي شريف في القضاء على الإرهاب، والعيش بأمان وسلام، وبناء دولة عصرية ديمقراطية.
كانت التصريحات المتناقضة، والاتهامات المتبادلة، والمساعي الخبيثة للتقليل من أهمية الانتصارات التي تحققت هي السائدة، بل إن البعض من هؤلاء مازالت سهام الحزن تصيبه في الصميم عندما تندحر «داعش» أو تخسر بعض الأراضي، ويتهلل وجهه القبيح، عندما تنتصر، أو تقوم ببعض الهجومات للتعويض عن خسائرها. وفي سبيل ذلك يثيرون الغبار حول كل شيء. فالحشد يشارك أو لا يشارك، وأبناء العشائر يسلحون، أو لاحاجة لذلك، والتحالف الدولي لانحتاجه ويجب إن لا يقصف تجمعات الإرهابيين، بدلاً من المطالبة بتكثيف ضرباته الجوية وعدم التماهل أو التلكؤ?فيها كما يحدث في بعض الأحيان، بل حتى إحالة الـ 300 ضابط واغلبهم من الدمج الى التقاعد، وجد من يعارضها، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى وحدة الرؤية والهدف، والى توحيد كل الإمكانيات المتاحة، عسكرياً، وسياسياً واقتصادياً، اجتماعياً واعلامياً. الأمر الذي ترك أثره السلبي على جبهات القتال في الانبار وبيجي وغيرهما، وعلى تجهيز المقاتلين بما يحتاجونه من سلاح ومن إمدادات لوجستية، وقبل هذا وذاك، من ضرورة تسليحهم بالمعنويات وبالدعم والمساندة الجماهيرية، وترسيخ مفهوم الولاء للشعب والوطن لديهم.
فهل هذا كثير عليكم أيها السياسيون الذين أوصلتكم الصدفة والانتهازية إلى مواقعكم الحالية؟ إلا تصحو ضمائركم من سباتها، ولو مرة واحدة، فتتخذوا موقفاً صائباً، علّه يخفف شيئاً من خطاياكم؟!
يقول جان جاك روسو: أعطني قليلاً من الشرفاء، وأنا أحطم لك جيشاً من اللصوص.