المنبرالحر

هل تحتاج المنطقة إلى هراوة جديدة؟ / مرتضى عبد الحميد

لا يختلف اثنان على أن منطقة الشرق الأوسط متخمة بمشاكل وتعقيدات لا أول لها ولا آخر، وان شعوبها ابتليت بحكام لا يُدخل السرور إلى نفوسهم سوى إذلال شعوبهم والتنمر عليها وفي ذات الوقت التخاذل امام أعدائها، حتى لينطبق عليهم المثل القائل (أسد عليّ وفي الحروب نعامة..).
أنها لعنة النفط والدكتاتورية والاستبداد، التي أصابت هذه المنطقة وشعوبها، وجعلتهم يدورون في حلقة مفرغة لا يستطيعون فكاكاً منها لحد الآن.
وتجسيداً لهذه الحقيقة المرة نرى في العديد من البلدان العربية والإسلامية أن ثالوث الجهل والفقر والمرض يتصدر بجدارة المشهد اليومي لهذه الشعوب المظلومة، وحصة بلدنا من هذا الثالوث لا يمكن غض الطرف عنها، لأنها الأبرز والأكثر سعة. فأينما وليت وجهك ترى الكثير من المآسي والكوارث والنوازل التي ابدع الحكام فيها إلى ابعد الحدود. فلا الأمن متوفر ولا الاقتصاد معافى، ولا الخدمات الضرورية لمعيشة الإنسان تشعر المواطن بالاكتفاء ولو بالحدود الدنيا. بالإضافة إلى التجاوز على الحريات السياسية والشخصية، أو وضع العقبات امامها بصيرة متعمدة، اما الفساد بأنواعه المالي والإداري والسياسي فأصبح موضة هذا العصر الرديء الذي يمكن وصفه عن حق بالزمان الوغد.
كما أن انسداد الأفق السياسي لم يعد مقتصراً على الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بسبب الغطرسة الصهيونية ودعم البيت الأبيض، وإنما اخذ يشمل المنطقة برمتها، خصوصا بعد انتشار وباء الطائفية، وما اقترن به من إرهاب وحشي منفلت، كانا ضروريين على ما يبدو للهيمنة على المنطقة، التي تعد منطقة مصالح حيوية لكل الطامعين بثرواتها ومصادرها الطبيعية.
وتحولت بلدان الربيع العربي، التي كان مؤملاً منها، أن تتحول إلى قاطرة تسحب معها قطار التغيير والديمقراطية في بلداننا العربية إلى محطته الأخيرة، تحولت إلى مباءة للعنف والتشرذم والخنادق المتقابلة، لان قياداتها لم تكن بمستوى المسؤولية، ولا تمتلك الكفاءة والنضج اللازمين، وبالتالي لم تستطع الإفلات من الافخاخ المنصوبة لها من قبل. أصحاب المشاريع المتناقضة بل المتعادية، وخاصة المشروعين الأمريكي - السعودي والإيراني وتوابعه، اللذين لايتورعان عن استخدام أحط الأساليب وأكثرها لا أخلاقية في صراعهما للهيمنة على المنطقة أوتقاسمها بحسب القوة التي يمتلكانها.
وآخر تجليات هذا الصراع ما يجري في اليمن حاليا، حيث ارتكبت إيران حماقة دعمها اللامحدود للحوثيين وتشجيعهم على التمدد وابتلاع الدولة اليمنية، كما ارتكبت السعودية هي الأخرى وبضوء اخضر من وراء الحدود حماقة تدخلها العسكري وتدمير البنية التحتية الفقيرة اصلاً. ورافق هاتين الحماقتين اللتين يدفع الشعب اليمني ثمنهما باهظاً تشكيل قوة عسكرية عربية، مهمتها الظاهرية إخماد بؤر التوتر العسكرية والحروب الناجمة عنها. لكن السؤال الذي
يطل برأسه من فوهات المدافع والأسلحة الثقيلة الأخرى هو: هل ستكون هذه القوة هراوة جديدة تستخدم ضد الشعوب العربية وتطلعاتها المشروعة في حياة حرة كريمة، ومجتمع يرفل بالتقدم والسلام والديمقراطية، أسوة بشعوب العالم الأخرى؟!