المنبرالحر

أول أيار ..يوم خالد في التاريخ / حسين جاسم محمد

تمر علينا هذا العام ذكرى الاول من أيار عيد العمال العالمي وبلادنا تعيش مصاعب كبيرة ومخاطر جمة. فمن جهة تخوض قواتنا المسلحة من الجيش والشرطة والحشد الشعبي ومسلحي العشائر منذ عشرة اشهر تقريبا معارك ضارية ضد القوى الارهابية الظلامية (داعش) التي احتلت اكثر من ربع مساحة العراق. ومن جانب آخر معالجة ما افرزته الحرب من تهجير اكثر من ثلاثة ملايين مواطن من ابناء المناطق المحتلة، يعيشون في ظروف سيئة للغاية. اضافة الى آلاف المشردين والمحاصرين، اما الذين اضطرتهم ظروفهم للبقاء في بيوتهم تحت رحمة داعش فقد تعرضوا الى الإجبار على ترك معتقداتهم والملاحقةوالتعذيب والقتل ونهب ممتلكاتهم ـ وتدمير مؤسسات وثروات البلاد وتراثها الحضاري امام اعينهم.
ان هذا الوضع تزامن مع انخفاض اسعار النفط الذي جعل العراق في وضع اقتصادي مترد في وقت نحن بحاجة ماسة الى المال لتغطية متطلبات الحرب واغاثة النازحين وترك هذا تأثيراً سلبياً على الوضع المعاشي للطبقة العاملة وعموم الكادحين، وزاد من حجم البطالة لتوقف مئات المشاريع عن العمل.
ان الطبقة العاملة العراقية التي اعتادت الاحتفال بالأول من آيار بشكل سري في البيوت وعربات القطار منذ ثلاثينيات القرن الماضي، واختارت طريق النضال دفاعاً عن كرامتها وفي سبيل حقوقها المشروعة. وخاضت نضالات وطنية وطبقية لا حصر لها طيلة قرن من الزمان. منها على سبيل المثال لا الحصر اضراب عمال نفط كركوك المعروف باسم اضراب (كاورباغي) في تموز 1946. واضراب عمال نفط حديثة في نيسان 1948، ودور العمال الفاعل والرائد في انتفاضتي تشرين عام 1952 و1956. وانتفاضة كانون الثاني عام 1948. مستمدين العزم والقوة من رفاقهم عمال مدينة شيكاغو الأمريكية (إنجل، فيشر،.. وغيرهما)، ومن قادة الحركة العمالية العراقية والعربية والعالمية امثال: حسن عياش، طالب عبدالجبار، هندال جادر، حميد بخش، علي شكر، صادق جعفر الفلاحي - ابو فرات - الشفيع ابو احمد في السودان وغيرهم.
ان عمالنا اليوم ابناء واحفاد الذين هدروا في شارع الرشيد يوم الاول من أيار عام 1959 في مسيرة ضخمة استمرت من الصباح الباكر الى ما بعد منتصف الليل وشارك فيها اكثر من مليون مواطن، عاقدين العزم على الاحتفال بالأول من أيار بقوة رغم الجراحات العميقة والصعوبات الكبيرة التي تجابه وطننا وشعبنا، مجددين العهد على الوقوف مع شعبهم الأبي لتحرير آخر شبر من ارض العراق من رجس داعش. وإعادة بناء ما دمروه. يتطلعون في هذا اليوم المجيد عدم إلقاء تبعات الأزمة الاقتصادية على عاتق الكادحين وذوي الدخل المحدود باي شكل من الأشكال ومعالجة المشاكل التي تجابه الطبقة العاملة والتي تتلخص في الغاء القرار 150 لسنة 1987 وإصدار قانون جديد للعمل. وتسديد رواتب عمال شركات ومؤسسات التمويل الذاتي، ودفع مستحقات عمال التنظيف في الدوائر البلدية بدون تأخير، وضمانة الحريات النقابية للطبقة العاملة والشغيلة وحقهم في التنظيم النقابي، واحترام استقلال الحركة النقابية وحق العمال في الإضراب والتظاهر والاعتصام، ورفع أجور العاملين في الدولة والقطاع الخاص. ومكافحة البطالة من خلال تفعيل قانون الاستثمار، ودعم إنشاء وتطوير المشاريع الإنتاجية الخدمية الصغيرة والمتوسطة? وتمثيل العمال في مجالس إدارة المشاريع والمؤسسات الاقتصادية والحكومية.
ان الطبقة العاملة العراقية تستحق كل الدعم والرعاية من الحكومة والمجتمع، كونها المدافع الأمين والثابت عن استقلال العراق وسيادته الوطنية واستقراره. والمتصدية لداعش وكل القوى الطامعة في بلادنا. وهي الساعية الى حماية ثرواته الوطنية. وصاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير والتقدم والازدهار والرخاء والبناء.