المنبرالحر

حفنة إقتصاد !/ قيس قاسم العجرش

أزمة ظهور تنظيم»الدولة الإسلامية» الإرهابي رافقها عدد من الظواهر الإقتصادية الإقليمية والمؤشرات الهامة في المنطقة. لنضع بعضاً منها في نقاط دون أن نتورط في فلسفة عميقة وتحليل اقتصادي ثقيل الدم :
- على خلاف الرائج عنها، فالسعودية لم تغرق سوق البترول بالنفط من أجل تخفيض سعره، إنما هي رفضت تقليل الإنتاج حتى مع هبوط الاسعار، والفرق واضح بين الحالتين. فالهدف هو بقاء المملكة كمصدر رئيسي لإمدادات الطاقة بدلاً من ان تكون مصدراً للنفط الغالي وبالتالي ينفض الزبائن عنها.
- هذه الخطوة السعودية، عصرت كفّي إيران وروسيا في الباب نصف المغلق، ومنحت الإدارة الاميركية زخماً شعبياً مضافاً ..كيف؟...تراجعت أسعار البنزين في لوحات محطات الوقود الأميركية، وهذا الانخفاض يعني محلياً في أميركا ما يلي:» بنزين رخيص..حكومة ناجحة..مبيعات أكثر للسيارات..فرص أكبر للعمل».
-صادرات النفط العراقية ترتفع بوتيرة ثابتة تقريباً قدرها 80 - 100 الف برميل يومياً كل شهر.هذا يعني، ان العراق سيكون قادراً على تصدير خمسة ملايين برميل يومياً خلال سنتين. وهو لن يفعل هذا لوحده، فهناك إيران وفنزويلا والجزائر، وكلها بلدان تزيد من هرولتها لإنتاج المزيد من النفط. هذا الأمر يفكّر فيه حتى أطفال العائلة المالكة في السعودية وهم لن يتمكنوا من منعه، سيكون في مقدورهم ان يؤخروا هذه الزيادة فقط..كيف ؟..عبر الحفاظ على أسعار واطئة لن تتيح لهذه البلدان الإستثمار أكثر في الإستكشافات النفطية وتوسعة منافذ الإنتاج والتصدير.
- يمكن لنا أن نتصور أن الأسعار العالية للنفط تعني أموالاً أكثر لدول النفط الخليجية، وهذا يعني إنفاقاً أعلى. لكن الذي حصل على أرض الواقع مختلف الى حدّ كبير..إذ ان النفط الرخيص حدد واردات العُملة للعالم النفطي وجعل الإقتصاد الأوروبي يتراجع في صادراته أمام الوفرة الأميركية..فأنخفض اليورو مقابل الدولار إلى مستويات غير مسبوقة ..هذا يعني عملياً أن كميّة مهمة من الارباح قد عادت الى الخزينة الأميركية دون عناء.
- آخر الأخبار يقول أن السعودية سـتعيد» هيكلة» شركة آرامكو شبه الحكومية ..هذا يعني أنها ستكون مستقلة بشكل أكبر عن القرار السياسي، وهو إعلان آخر عن التوتر داخل العائلة المالكة. والهدف هو أن تكون معايير الربح والخسارة هي التي تقود النفط السعودي وليس الرغبات السياسية والعداءآت والحروب وعواصف الحزم.
المال في النهاية هو الذي يفرض نفسه والإقتصاد قلّما يكذب لو تابعناه باهتمام كي نفهم الآخر.