المنبرالحر

العراق بـ ٧١٥ مليون دولار ؟! / قاسم السنجري

يدرك الجميع حجم تأثر الاقتصاد العراقي بانخفاض اسعار النفط العالمية وتدهورها، وما نجم عن هذا التدهور من عجز كبير اصاب ميزانية الدولة. وكل هذا يأتي في ظلِّ حرب تخوضها القوات الأمنية العراقية ضد عدو شرس يحاول أن يفتت وحدة العراق وسلامة أراضيه، الأمر الذي يدفع بالعراق إلى التزود بالسلاح والذخيرة.، وقبول المساعدات الدولية بالأموال والمعدات العسكرية. لكن هذا يجب أن يتم دون أن تتعرض السيادة العراقية إلى الانتقاص، ودون الالتزام بشروط قد تترك أثرها على وحدة النسيج العراقي. فلا يمكن أن يجري التخلي عن وحدة العراق مقابل ملايين من الدولارات.
بالرغم من إن قرار الكونغرس الأميركي الذي يمنح العراق مساعدات عسكرية بقيمة 715 مليون دولار من موزانة البنتاغون لعام 2016 يمثل تراجعاً في السياسة الأمريكية، إلّا أن حجم المبلغ المذكور في القرار يدفعنا للتساؤل: هل حقاّ أن العراق محتاج إلى هذا المبلغ الذي لا يتخطى عتبة المليار دولار وبهذه الشروط المذلة؟ إن ظاهر المشروع الأمريكي هو مساعدة القوات العراقية وتحقيق التوازن بين اطيافه، لكن في حقيقة الأمر أن هذا المشروع محاولة لإقحام العراق في استقطاب داخلي ناتج عن انعكاس الصراع الأمريكي - الإيراني، وهو قرار انفعالي يعكس غضب الجمهوريين داخل الكونغرس من الاتفاق النووي مع إيران.
كما ان جمهوريي الكونغرس يحاولون التنصل عما يجري في العراق، بل يتناسون أن الولايات المتحدة جزء من الصراع الذي يجري في بلادنا التي تتعرض إلى محاولات اشعال حرب أهلية. كما يتناسون أن عليها التزامات اخلاقية ومعاهدة أمنية تسعى أطراف غير معلومة إلى عدم تفعيلها.
ويذهب المشرّع الأمريكي إلى وضع توصيفات تسهم في تقسيم العراق إلى ثلاث دول وباعتراف القانون الأمريكي، في محاولة سافرة للتدخل في الشأن الداخلي للعراق.
لقد كان نصيب قطاع الأمن والدفاع في موازنات دولتنا، أكثر من ١٢٦ مليار دولار منذ العام ٢٠٠٦ بحسب خبراء اقتصاد عراقيين. وكانت هذه المبالغ الهائلة كفيلة ببناء جيش متقدم يعتمد على أحدث التقنيات، كما أنها أكبر بكثير مما رصدته الولايات المتحدة الأمريكية لتسليح الجيش العراقي وقوات البيشمركة والحرس الوطني اذا ما تم تشكيله. فهل يعقل أن يخضع البلد الذي صرف عشرات المليارات من الدولارات من ميزانيته على قطاع الأمن، لشروط مذلة تمس سيادته؟ إن على القوى السياسية إعلاء السيادة الوطنية ووحدة البلاد على الاهواء الشخصية وعلى التفكير الضيق بالمغانم التي قد تعود على البعض، فيما اذا تم القبول بهذه المبلغ البخس الذي تقف وراءه شروط غير مبررة ونوايا مغرضة.
كما أن قطاع الامن الذي استهلك المليارات من خزينة العراق، لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه الآن من استهلاك لأموال العراق. وعلى الدولة أن تفكر في آليات جديدة للتسليح المفيد بعيداً عن صفقات السلاح الفاسدة والتهافت وراء "الكومشينات" التي استهلكت الكثير من المبالغ المخصصة لقطاع الأمن والدفاع، فضلاً عن رداءة الأسلحة التي تم التعاقد عليها. وليس بعيداً عن ذاكرتنا موضوع صفقة الاسلحة الروسية التي تورط فيها مسؤولون حكوميون، ومرّت بهدوء دون أن يتعرضوا للمساءلة، فيما تشير مصادر اعلامية إلى أن الفساد في تلك الصفقة يقف وراء إقالة وزير الدفاع الروسي، في حين تنادت بعض القوى السياسية عندنا للدفاع عن متورطين فيها بسبب كون هؤلاء المتورطين من أتباعها!