المنبرالحر

في بيتنا مدراء عامون..! / د. سلام يوسف

للأمانة فقد استقيت عنوان عامود هذا الأسبوع من قصة الأديب الكبير أحسان عبد القدوس (في بيتنا رجل)، مع فارق المضمونين.
زاولت مهنة الطب وإدارياتها في عهدين، عهد النظام المقبور وعهد بديله غير الموفق لحد الآن، عهد المحاصصة الطائفية ـ الاثنية، ووجدت من بين مشتركات العهدين، التصاق بعض الأسماء بكرسي الـ"مدير العام".
ومهما كانت تفسيرات هذه (الالتصاقات)، فهي ما تنفك تتجدد، مع تغير فقط في أماكن المؤسسات التي يديرها هؤلاء المدراء الأجلاء.
ويبدو أن التفسير واحد في كلا العهدين، الاّ وهو الاستحواذ، وقطع الطريق أمام أي (طقم) جديد من مدراء عامين وحاشياتهم بطبيعة الحال.
ففي عهد النظام المقبور، كان المدراء العامون هم انفسهم خصوصاً حينما يتدرجون في السلم الحزبي ويقتربون أكثر من رأس السلطة وينالون الرضا منه مقابل إعلان الولاء المطلق قولاً وفعلاً.
أما في العهد البديل فالحال هو نفسه، مدراء عامون هم انفسهم وداخل المؤسسة المعنية مع بعض التغيرات الطفيفة، ولكن يبقى الأس المحاصصاتي الطائفي ـ الاثني هو الأساس الذي تقابله بالعهد الماضي حزبية المعني ودرجة ولائه.
في وزارة الصحة تحصل تغييرات المدراء العامين، ولكن هذه التغييرات لا تتعدى كونها تغييرا في اتجاه سير موكب المدير العام نفسه، ليس إلاّ..!
والسؤال الذي يطرح نفسه: لِمَ التغيير؟
تغيير المدير العام يجري للأسباب التالية: أما أنه أحيل الى التقاعد لبلوغه السن القانونية أو لأسباب صحية، أو أن يتوفاه الله، أو عدم قدرته على أثبات الكفاءة، أو أنه أثبت (الكفاءة) بكل (جدارة) فيُرشح كوكيل وزير أو حتى وزير ...الخ
ولكن أن يتحول مدير عام لهذه الدائرة ليصبح مديراً عاماً في دائرة أخرى للوزارة نفسها أو وزارة أخرى ، فهنا العجب العجاب!
الا يوجد غيرهم ؟! ألم يخلق الله غير هؤلاء المحظوظين؟! ألم ينجب الوطن غير هؤلاء الماركة المسجلة في أسواق المحاصصة والإدارة العامة؟! أين تطبق شروط الكفاءة والعدالة والتنويع وإفساح المجال لغيرهم ممن هم ربما أكثر كفاءة وحيوية وعقلية؟!
لم تعد الأعذار مقبولة في استمرار المدراء العامين بمواقعهم وعلى هذا النهج، فإذا كان الموضوع متعلقا بالخبرة والكفاءة فالواقع الملموس يدلك على تردي الأداء وبكل الاتجاهات. واذا كان متعلقا بالمحاصصة فهذا دليل قاطع على عدم النزاهة وفقدان العدالة وغلق الأبواب بوجه الوطنيين الكفوئين، أو ربما له علاقة بأجندات ميلشياوية، فهنا هي الطامة الكبرى!
ما زال العراق بلد الخيرات والعطاء رغم كل المآسي التي مرت وتمر عليه ،وما زال فيه الكثير من الخيرين الممتلئين نخوة وشهامة ووطنية من أجل خدمة العراق والعراقيين.
وأعتقد انه قد آن الأوان لأن نفك أسر المديريات العامة من هؤلاء (النخبة)، ونفسح المجال أمام غيرهم للاقتراب ولو بالأحلام مما نسمع عنه الا وهو "تكافؤ الفرص". وما من سبيل الى ذلك الاّ بتشريع قانون يحدد عدد سنوات بقاء المدير العام مديراً عاماً بهذه الصفة أينما يحل أو يكون، شريطة أثبات الجدارة والكفاءة، وأعتقد أن أربع سنوات كافية جداً لإثبات جدارة المدير العام الكفء، وحينها سنقول له: جزاك الله عنّا خير الجزاء!