المنبرالحر

ندعم ونعتز بكل من يحارب داعش / مرتضى عبد الحميد

لا يختلف اثنان، إلا من في قلبه مرض، على وطنية الشيوعيين، وتفانيهم في الدفاع عن شعبهم ووطنهم، بل هم مدرسة الوطنية كما يقر بذلك الأعداء قبل الأصدقاء. وهذا ليس اطراءً للذات، أو تسكيناً للوعة المعاناة، والشعور بالمرارة نتيجة الأوضاع المأساوية في العراق. وحتى «صدام حسين» وزبانيته، لم يجرؤا في كثير من الأحيان على الجهر بخلاف ذلك. لا نريد العودة إلى البدايات، والحديث عن مواقف الشيوعيين من قضايا الوطن الكبرى، ونضالاتهم المتعددة الوجوه والأشكال، طبقياً، سياسياً، واجتماعياً، لأنها معروفة للجميع، ومن بينها تلك المساحة الواسعة التي افردوها لتحقيق الاستقلال الناجز، والسيادة الوطنية، سواء في العهد الملكي المباد، أو في العهود اللاحقة، وصولاً إلى الاحتلال الأمريكي عام 2003 وما بعده.
وفي سبيل هذه الأهداف النبيلة، قدموا آلاف الشهداء، وظل عشرات الآلاف غيرهم، سنوات طويلة، نزلاء السجون والمعتقلات، وتعرضوا لأنواع مبتكرة وشديدة القسوة من التعذيب والاضطهاد والحرمان.
وقد استطاعوا المزاوجة بمهارة بين أشكال النضال السلمية والعنفية، حسب مقتضيات المرحلة التاريخية، وموقف السلطات الرسمية منهم، فهم دعاة سلام ومحبة وتسامح كما يعرف الجميع، لكنهم لم ولن يتوانوا عن امتشاق السلاح، وخوض الحروب العادلة، أن اقتضت الضرورة ذلك، كما جرى مراراً، ولاسيما عقب هجمة البعث الفاشية على الحزب عامي 1978-1979، وما تلاهما، حيث خاض الشيوعيون كفاحاً مسلحاً امتد لعشر سنوات في كردستان وبقية مدن وأرياف العراق. ومنذ أن استطاعت «داعش» وصانعوها، تدنيس مساحات واسعة من ارض عراقنا الطاهرة، بتواطؤ مكشوف من بعض القيادات العسكرية والسياسية ودعم إقليمي و دولي، وبسبب الشحن الطائفي والقومي الذي يمارسه سياسيو الصدفة عبر الفضائيات وفي وسائل الإعلام الأخرى، اتخذ الحزب الشيوعي مباشرة موقفاً مسؤولاً، مفعماً بالشعور الوطني، وبالحرص الشديد على حياة أبناء شعبنا العراقي، وعلى حاضرهم ومستقبلهم، ولذلك قام بالعديد من الفعاليات الجماهيرية (ندوات سياسية، اعتصامات، وقفات تضامنية، حملات تثقيف واسعة...الخ). هدفها استنهاض الهمم وتوحيد القوى بوجه هذا العدو الشرس، كما اصدر البيانات السياسية، و دبج المقالات الافتتاحية، مؤكدا فيها أن التصدي لوحوش «داعش» مسألة مصيرية، وهدف لا يعلو عليه هدف أخر، وطالب بتعزيز الجبهة الداخلية، وتوحيد كل الجهود والطاقات العسكرية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية والإعلامية لمواجهة هذا الخطر الداهم، الذي لن يستثنى احداً. ورحب الحزب بتشكيل الحشد الشعبي وبالمتطوعين الذين اندفعوا لمحاربة «داعش» غيرة على وطنهم وحباً لأبناء شعبهم، املاً إن يكون الحشد الشعبي مرآة لكل العراقيين على اختلاف أديانهم وطوائفهم، وقومياتهم، ومشاربهم الفكرية والسياسية، وبالتالي يكون جزءاً من المنظومة الأمنية والعسكرية العراقية. وضمن هذا التوجه تطوع الشيوعيون وأصدقاؤهم في الجيش والشرطة وفي الحشد الشعبي، وشكلوا في ديالى وبعشيقة وبحزاني ودشت الموصل وسنجار وفي مناطق أخرى مفارز وفصائل قتالية، وضعوها تحت أمرة الجيش والقوات المسلحة، وقدموا كل ما في حوزتهم لإلحاق الهزيمة بعصابات «داعش» وسائر الإرهابيين. كان دور الشيوعيين وشجاعتهم ومساهمتهم الفاعلة في قتال «داعش» موضع الثناء والتقدير، من قبل القيادات العسكرية، وقيادات الحشد الشعبي، واستشهد العشرات منهم في المعارك مع «داعش» بعد أن سطروا ملاحم بطولية، أضافوها إلى سفر الشيوعيين النضالي المتميز.
سيظل الشيوعيون في طليعة المناضلين من اجل العراق وشعبه، ولن يبخلوا بأية تضحيات مهما كانت غالية، للقضاء على «داعش» واجتثاث الإرهاب ومسبباته الفعلية، وسوف لن تفت في عضدهم السموم التي تنفثها الأفاعي الجديدة، وسقط المتاع ممن تجري في دمائهم جرثومة العداء للشيوعية..