المنبرالحر

متى تصبح الفجيعة ابتهاجا؟ / ئاشتي

"1"
توشك غيوم روحك أن تمطر حزنها على بقايا الفرح الهارب من نيران جراحك، فما عادت رياح الأمل قادرة على حملها إلى فضاءات أخرى، مثلما لم تعدْ طاقة التحمل والصبر التي تلبست الروح زمنا على تجديد حيويتها، لم يعدْ خداع النفس بكلمات التفاؤل نافعا مع ما يكتنف الواقع القائم من ملابسات غاية في التعقيد، أنت تخشى مطر روحك مثلما تخشى من هروب الفرح، وبين مطر الروح وهروب الفرح أكثر من وشيجة تجعل الارتماء في دائرة التشاؤم أمرا محتملا، عندها لن يبقى أمامك غير أن تجعل راحلتك تلقي رحلها في صحراء اليأس، وحين يأكل العطش خلاياك تجد نفسك مضطرا على شرب ماء غيوم روحك بكل حزنه.
"2"
ربما يكون للفجيعة أكثر من شكل، ولكن الذي يرسم معناها الحقيقي هو الفقدان القائم على أرضية من الجراح والدم والتضحيات، هنا تكون الفجيعة هيكلا نحاسيا غير قابل للتآكل مهما تفتحت زهور من الفرح على ضفافها، لأنها ستتحول إلى تاريخ بلسان لا يتوقف عن ذكر تفاصيلها في كل مرة تمر ذكراها، وتاريخ الفجائع تاريخ غير قابل للصدأ مهما مرت عليه من عاديات الزمن، لأنه يحمل معنى الألم..وهل الفجيعة غير الألم؟
"3"
أحيانا تسأل روحك بصبر المحايد، هل تاريخ عراقك تأريخ فجائعي؟ وحين تستعرض الأحداث لم تر غير الفجائع، هل هو قدر هذه البلاد أن تغرق في بحر الحزن منذ أن بدأت أولى خطوات الإنسان على أرضها حتى حزيران عام 2015، وفي هذا الشهر قبل عام كانت هناك فجيعة حنظلٌ، لا بل هي أمرُ من الحنظل، وعنوان مرارتها هي ان تقوم عصابات همج باحتلال مدينة دون مقاومة.مع كل هذا يبقى السؤال القابع في أعماق الروح، متى تصبح هذه الفجيعة ابتهاجا؟
"4"
من دون ريب الفجائع تعني الانكسارات مثلما تعني الألم الحاد في الروح، ومجرى التاريخ يؤكد تحول هذه الانكسارات إلى انتصارات فيما لو تم التعامل معها بروح الحزم والصبر والتخطيط المحكم، لهذا فأن ما جرى قبل عام يمكن تحويله إلى انتصار فيما لو كانت هناك أرادة موحدة بعيدة عن النزعة الطائفية التي يستفيد منها الذين كانوا سببا بهذه الفجيعة.
"5"
لعلك تجد في تفاؤل الشاعر شيركو بيكه س بعضا من السلوى.حيث يقول
(الليل متأخر
ونامت العاصفة
ظهرت الغيوم وكأنها مذعورة من أمر ما
وبدأ القمر
ينشر بغزارة
وميضه الذهبي البطئ)