المنبرالحر

اسهل طريقة لاكتشاف المفخخة / جاسم الحلفي

عام كامل مضى على سقوط الموصل بيد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الارهابي، من دون ان تستخلص القوى المتنفذة الدرس والعبرة من ذلك، او تؤشر بوضوح السبب الرئيسي وراء الانهيار الذي ادى الى تداعيات دامية ومهينة، تركت ندوبها على نسيج المجتمع العراقي مصحوبة بوجع مؤلم. وكيف لا وامامنا الآثار العميقة لاستباحة البيوت والاعراض، وما رافقها من عمليات سلب وسبي وقتل، نفذت على وفق منهج ظلامي استوحى الماضي السحيق كتفسيرات وقراءات للدين، بطريقة تتقاطع مع منظومة القيم الانسانية، التي اعترفت بان احترام حرية الانسان وحقوقه وكرامته هو سلوك انساني رفيع غير قابل للانتهاك، وينظم بقوانين واعراف دولية ووطنية.
لم يدركوا الدرس رغم كل الخراب الذي انتشر، ويبدو ان هناك تعمدا في عدم الاقتراب من حل يطوق الأزمة ويئدها، فيحول دون توسعها بما يزيد الاوضاع توترا وخطورة. نعم، لم يعر المتنفذون الدرس اهتماما رغم وضوحه وبساطته، وما يحمل في طياته وثناياه من امكانيات حل. وللانسان ان يتساءل هنا: متى اذن يتم استيعاب الدرس؟ وهل هناك حاجة الى المزيد من استعصاء الازمة واستفحالها، وتشابك خيوطها وتعقدها، وما تخلف من قلق ومخاوف اكثر على مصير البلد؟ هل من المعقول ان يصل عدم الاكتراث واللامبالاة عند من سلمهم الشعب امانته الى هذا الحد ؟ و?لى اي مستوى ينبغي ان تصل المخاطر المحيقة بالعراق كي يدق المتنفذون ناقوس الخطر؟ وكيف ياترى ينامون دون التفكير بحل جدي يخرج العراق من هذا المنحدر الحاد، والهاوية السحيقة، والمصير المجهول الذي يجازفون به؟ لماذا اوصلوا المواطنين الى مرحلة التفكير بتقسيم العراق وكأن ذلك قضية بسيطة، وامر مألوف ؟ ان الجواب على هذه الاسئلة بسيط هو الآخر، فالمحاصصة الطائفية اسكرتهم حد الثمالة، وابعدتهم عن رشدهم.
لم يكن الدرس صعبا، ولا غريبا، ولا عصيا على الادراك. فالفرضية التي بني عليها فهمهم لبناء النظام السياسي لم تصب بالعقم وحسب، بل اصبحت تنذر بالشؤم، ونحن نتوقع منها ما هو امرّ، ان لم تتم مغادرة نهجها!
نعم، لقد فشلت فرضية بناء النظام السياسي على وفق المحاصصة الطائفية والاثنية فشلا ذريعا، واثبتت انها اس الخراب وقاعدة الدمار.
صحيح انه يكمن خلف فشل النظام السياسي اسبابا عديدة، لا مجال لذكرها هنا، لكن الاساس هو بنية النظام الخاطئة، وان الاوان الاصلاح والتغيير باتجاه، تخليص النظام من المحاصصة، واعتماد المواطنة بدلا عنها، كما هي البلدان التي تحترم الانسان فيها، وتعمل على تأمين الامن له، وتسهر على توفير العيش الكريم.
لم يكن صعبا هو الدرس اذا، تخليص البناء من الطائفية، فالطائفية هي المفخخة، وهي العبوة التي تتفجر يوما بوجه العملية السياسية، وتهدد الاستقرار وتعيق التنمية، وتفتت الوحدة الوطنية، وتحول دون بناء مؤسسات وطنية، ومنها ومن خلالها يعشش الفساد، ويتنفس الارهاب الصعداء.