المنبرالحر

«النهر الاعمى».. في ذكرى الشاعر عزيز السماوي / ريسان الخزعلي

- مرت قبل ايام ذكرى رحيل الشاعر الكبير عزيز السماوي في منفاه الأضطراري. ومنذ عام 1978 والشاعر هناك على الرغم منه، بعد التهجير السياسي الذي حصل في العام ذاته. في هذا المنفى فقد الشاعر بصره نتيجة اصابته بمرض السكري، ولم تَفُدْ كل أدوية لندن في علاجه، لأن كل علاج يحرقه هاجس الوطن وشراره الشعري، حتى أنه أطلق تسمية (النهر الاعمى) كبديل فني عن اسمه الحقيقي، وقد اسمى كذلك واحدة من مجاميعه الشعرية بالاسم ذاته.
والسماوي شاعر مجدد، أضاف الى القصيدة الشعبية الكثير من التحولات الفنية والجمالية، واسس حوارياً لمنطلقاتها وتشخيص رموزها الفاعلة في المشهد الشعري؛ ولم يكّل من الدفاع عنها، كونها القصيدة التي ترتبط بالناس وهمومهم، مشتبكة مع اعصابهم وحياتهم اليومية. تقام له طيلة سنوات المنفى، الجلسات الشعرية والأدبية، التي يستثمرها بالحديث عن محنة الوطن مدفوعاً بانتمائه الفكري اليساري المعروف، الذي شغله وتعلّق به مبكراً.
-لمناسبة ذكرى رحيله، آثرنا استذكاره إبداعياً، بعد ان شحَّ وفاء الأستذكار:
-الشاعر من مواليد 1941 في الديوانية، كتب الشعر منذ الطفولة في مدينة الديوانية العاصفة بالشعر الشعبي والغناء الريفي والطقوس الدينية والفولكلورية المختلفة والحس السياسي العميق؛ وقد صدرت له المجاميع الشعرية الآتية:
(قصائد للمعركة ) مجموعة مشتركة مع عدد من الشعراء العراقيين تضامناً مع الثورة الفلسطينية عام 1968، خطوات على الماء مجموعة مشتركة مع الشاعرين طارق ياسين وعلي الشباني، أغاني الدرويش عام 1973، لون الورد والثلج بالليل عام 1980، النهر الأعمى عام 1995، بانوراما عراقية عام 1999)، كما لحن وغنى له المطرب الهام المدفعي قصيدته المعروفة (خطار عدنه الفرح).
- لقد تمعن هذا الشاعر في شخصية (الدرويش) كثيراً، واسقطها على ذاته، واتخذ منها قناعاً، واسمى واحدة من مجاميعه الشعرية باسم (أغاني الدرويش)، هذا التمعن لم يأخذ دلالة دينية، بل استثمر حالة التجوال، والتنقل بين الأمكنة، وحالة مثل هذه، هيَّ من مفردات حياة الدرويش الأساسية.
- نعم، أيها الدرويش، أنت النهر المحدّق، بصراً وبصيرة، حتى وان قلت بأنك (النهر الأعمى).
وبالعراقي، لا يسعنا غير ترديد قولك الشعري:
«دوم الشمس..
مليانه ندم وإذنوب.
لو عدهه بخت..
چا نامت إلهه إبفي.
عليمن هالسفر والضيّ..؟!»