المنبرالحر

المسكوت عنه .. محافظة ذي قار الأولى بالانتحار ..! / علي فهد ياسين

في محاولة لتسليط الأضواء على حالات الانتحار(التي تحولت الى ظاهرة) في العراق ، أصدر الباحث الدكتور عبد الباري الحمداني ، استاذ علم النفس في جامعة ذي قار، دراسته ورؤيته لهذه الظاهرة الجديدة على المجتمع العراقي، وأشار الى الصعوبات التي أعترضت السياقات العلمية لانجاز البحث، المتمثلة في المحاذير الاجتماعية السائدة في العراق، التي تسببت بالأختلاف الكبير بين أرقام مفوضية حقوق الانسان العراقية التي أحصت(371)حالة انتحار في العام 2013،وسجلات الشرطة التي أشارت الى حالةِ واحدة فقط في نفس العام !.
في التفاصيل كانت أعمار المنتحرين بين(13)و(35) عاماً ، وهي أعمار تمتد بين الطفولة وأفضل نسب للاعمار المطلوبة للعمل ، وكانت النسب (65%)من االاناث و(35%) من الذكور، وجاءت محافظة ذي قار متصدره لمحافظات العراق بعدد (119) منتحراً ، بنسبة (32%) ، وكانت تصدرت باقي المحافظات في أعداد المنتحرين في الأعوام الخمسة التي سبقت الدراسة !.
المفارقة أن عضو المفوضية العراقية العليا لحقوق الانسان(هيمن باجلان) يقول أن لدى منظمته ملف عمل خاص بهذه الظاهرة ، من خلال (نشر الوعي بين المواطنين) ، لكنه متوقف بسبب حالة التقشف في العراق، فيما يعرف الجميع بما فيهم منظمة حقوق الانسان في العراق ، أن واقع الاداء السياسي الرسمي في العراق لا يعتمد على نشر الوعي بين المواطنين ، بقدر ما يسعى ويكرس تغييب الوعي لبقاء الحال على ما هو عليه.
لقد جاءت نتائج الدراسة منسجمة مع تصدر محافظة ذي قار للمحافظات العراقية طوال الاعوام السابقة ( اعتماداً على عدد السكان )، في نسب البطالة وشحة المياه وتفشي الأمراض وتلكؤ المشاريع الخدمية الناجمة عن ارتفاع مستويات الفساد (بالرغم من الأرقام الكبيرة للتخصيصات المالية على مدى العشرة أعوام المنصرمة) ، وهو تحصيل حاصل للصراعات السياسية بين فرقاء أدارة المحافظة منذ سقوط النظام السابق، أفرزت عدم الانسجام في العمل، وتسببت باعتماد منهجية التحاصص لتحقيق التوافق في توزيع المناصب بعيداً عن الكفاءة والمهنية ،وتحقيقاً للمنافع الشخصية والحزبية على حساب خدمة أبناء المحافظة ،وبات واضحاً للعيان عدم الاهتمام بالظواهر الغريبة التي تنخر الواقع الاجتماعي في الناصرية ومدنها ، مثل تفشي المخدرات وتصاعد نسب الجرائم الغريبة على الاعراف ، فيما تهتم ادارة المحافظة باستثنائية مميزة في أصدار قوانين تفرض الحبس والغرامة (خارج القوانين العراقية ) ، في موضوع المشروبات الكحولية ، دون حساب للظواهر الاخرى !!.
أذا كان التقديس قانوناً أيها السادة ، فانه يعني الانسان، والمنتحرون في دراسة الدكتور عبد الباري الحمداني بشر، ربما الكثير منهم كانوا أنتخبوكم لتحقيق أمانيهم في حياةِ كريمة ولم تحركوا ساكناً في ذلك، ولأني لا أُريد أن أُذكركم بقصيدةِ الشاعر الكبير(مظفر النواب) ، أقول فقط ، أن خطايا المنتحرين في رقابكم، لأنها فضائح، والفضائح تشير ضمناً الى المتسببين بها قبل مرتكبيها !.