المنبرالحر

من يتحمل مسؤولية الانهيار؟ / مرتضى عبد الحميد

هل نحن أمام نكتة سوداء، أو حزورة جديدة، ابتكرها احد المهووسين بالسلطة والكرسي، بهدف إشغال الناس، ورفع مستوى حيرتهم، بدلاً من رفع مستوى وعيهم، والإيغال في تفتيت وحدتهم الوطنية لغاية في نفس يعقوب؟ أم هي اللعبة ذاتها في تبادل الاتهامات، ومحاولة التنصل من المسؤولية عن طريق إلقائها على الآخرين؟
لقد أنبثقت هذه النكتة أو الحزورة من رحم الفشل الذريع الذي أصاب العملية السياسية، ومن قادها إلى الهاوية، وذلك بتفسير ماحصل في 10 حزيران الماضي، وسقوط الموصل والمدن العراقية الأخرى، بيد «داعش» بأنه ثورة طائفية للسنة ضد الشيعة!! كما صرح السيد المالكي قبل فترة وجيزة وهو مالا يصدقه عاقل، وكالعادة انتهز الخصوم السياسيون والحلفاء على السواء هذه التصريحات الخرافية، ليوجهوا النار إلى قائلها، محاولين في ذات الوقت تبرئة ذممهم، مما لحق بالعراق وشعبه.
أن الاتهامات التي وجهت للمالكي، بأنه يهدف إلى تأجيج نار الفتنة وزرع بذور التفرقة والتناحر بين أبناء البلد الواحد، وممارسته لسياسة الإقصاء والتهميش ضد شركائه في العملية السياسية من السنة والأكراد، وأطراف مهمة في التحالف الوطني الشيعي، وفشله في إدارة الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية، هو الذي أدى إلى انهيار الوضع ألامني وتقويض دور الجيش وضياع هيبة الدولة التي نخر الفساد والمحسوبية والمنسوبية كل مؤسساتها، وأنها بمثابة صب الزيت على النار في ظرف نحن أحوج مانكون فيه إلى وحدة الكلمة، وتحكيم العقل والضمير، في?التصدي لهذه المأساة المروعة، كما رد السيد عمار الحكيم من جانبه، بأن ما حصل في العراق هو بسبب سوء إدارة الملف السياسي، مبيناً أن معظم تصرفات الفترة السابقة من قبل المالكي كانت بعيدة كل البعد عن الإدارة السليمة، وأضاف «جواد البزوني» القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي أن تصريحات المالكي تعد هروباُ من المسؤولية، داعياً إياه إلى الاعتراف بأنه السبب الرئيسي في ضياع العراق ومجزرة سبايكر وبادوش وغيرها من المجازر التي حصلت في العراق بسبب سوء تسليح الجيش و عدم تشكيله على أساس وطني عقائدي، فيما وجهت كتلة الأحرار النيا?ية اتهاماً مباشراً للمالكي بمحاولة إفشال الحكومة العراقية الحالية.
أن هذه الاتهامات صحيحة، إلا أن الأنصاف يقتضي اعتراف الآخرين بقسطهم من المسؤولية، نتيجة المشاركة في اقتراف هذه الأخطاء، بل الخطايا، أو السكوت عنها رغبة في اقتسام الغنائم، وتعظيم الحصص الخاصة بكل طرف، دون أي اعتبار لأبناء الشعب، المنكوبين بنار الإرهاب، وبمرض المحاصصة الطائفية، وبنقص الخدمات الذي أصبح
كابوساً للصغير والكبير، فضلاً عن غول الرشوة والفساد المالي والإداري، ومأساة النازحين في بلد تختنق أراضيه بالنفط، وبالثروات الطبيعية.
نعم المالكي هو المسؤول الأول، لكن الآخرين مسؤولون أيضا، وان كان الفارق في المسؤولية كبير جداً، الأمر الذي يتطلب توحيد الجهود، وتعبئة الطاقات والإمكانيات الكبيرة المتوفرة لانتشال العراق من وهدة السقوط التي وجد نفسه فيها بسبب حكامه الفاشلين، وقبل هذا وذاك لجم مثل هذه التصريحات البائسة، والبعيدة عن الحقيقة بعد السماء عن الأرض.