المنبرالحر

مازالوا يحققون! / د. محمود القبطان

كما هي كل لجان التحقيق في العراق من ابسط الجرائم الى اعقدها تشكل لجان تحقيقية لتأخذ وقتا طويلا ولا تصل الى نتيجة لاسيما جرائم القتل والاعتداءات حيث تسجل في النهاية لفاعل مجهول وكأن العراق وشعبه يعيش في المجهول.
اعود مرة اخرى على الاعتداء الفظ على اتحاد الادباء والذي جرى في 17 حزيران وفي ساعات الظهر، وليس ليلا كما قيل لتبرير فج ومفضوح على الاعتداء، وبعد وساطات ادان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء هذا العمل الاجرامي بحق الكلمة الجميلة والشعر والثقافة والادب عموما، ولكن مما يزيد الالم هو عدم ذهاب هؤلاء الساسة شخصيا، كما كان ينبغي، لادانة جريم اقتحام اتحاد الادباء والكتاب من قبل "جهة" مجهولة ترتدي الملابس السود وملثمين ومع سياراتهم المظللة، التي قطعت الطريق وكأنهم اهتدوا على مقر وشخص المجرم ابو بكر البغدادي، وكرد الاعتبار لفئة الكتاب والادباء والذي يتشرف العراق بهم لما ينجزوه من ادب وشعر رفيع وسند دائم لقواتنا المسلحة والحشد الشعبي والعشائر والبيشمركة التي تقاتل عدوا شرسا احتل اراضي عراقية بعد تواطئ كبير ومن عدة جهات لاسيما الدول الاقليمية وبعض الجهات الدولية ايضا. كل هذا ويجري الاعتداء على الاتحاد بموظفيه وعماله كما لم ينسوا "ابطال الحادثة "من تحطيم كل ما كان موجودا ورأتها عيونهم من خلال ما كان يخفي وجوههم، وفي اقل ما كان يمكن ان يقوم وزير الثقافة بحضوره شخصيا الى مكان الحادث ان لم يستطع الرؤساء من ذلك. لكن لماذا كان المقتحمون ملثمين؟ ممن كانوا يخافون؟ من القانون الغائب أم من التواطئ المفضوح من قبل اجهزة معينة؟ ثم يأتي اسلامي سياسي ويقول علينا ان لا نضخّم الحادثة ويكفي ادانة الرؤساء .اقول ،واتمنى ان اكون على خطأ، انها ليست الحادثة الاولى وسوف لن تكون الأخيرة، بسبب فقدان الامن وعدم وجود القانون اصلا وعدم جدية التحقيق وعدم نزاهة القضاء حتى. وإلا بعد ثمانية أيام من السطو الكبير على الاتحاد لم يجدوا اثرا للمعتدين لحد الآن. فأي تحقيق يجري ومع من؟ بلد لا يحترم فيه الفن والادب لا قيمة له عند شعوب العالم، لان البلد ،اي بلد في العالم يُعرّف بعلمائه وادبائه وشعرائه ،وفي العراق يقتل الاستاذ والعالم والطبيب والمهندس ويهرب الباقون بسبب فقدان الامن، ليأتي رئيس الوزراء في القول على ضرورة تشجيع عودة العلماء والكوادر العلمية العراقية الى البلاد لبنائه، ولم يذكر كيف ومن يحميهم. هل سوف يضع حراس وحمايات على كل من "تسوّل" له نفسه في الرجوع للوطن؟ أم يبقى المغترب العائد والحريص على العمل في بلده ليمر عبر شبكة من الجهلة من الموظفين في المراجعات لينتهي كما انتهى البعض الى دهاليز الوثائق واستنساخها وضياعها ومن ثم استنساخها مجددا وربما لأكثر مرة ليبقى العراق، كما هو المطلوب، بدون شعب عامل في كل الاختصاصات العلمية والادبية ليبقى سياسيو الصدفة يجمعون مالا من ثروة الشعب وليستنسخوا شخصياتهم حتى لا يعطوها لغيرهم وحسب قوانينهم المفصّلة على قياساتهم تحديدا.
مازال الرعب يتجول في شوارع العراق بكل حرية وعلى الحكومة ،اذا كانت جادة، ان تفعّل القانون والقضاء للقضاء على هذه الظاهرة المعيبة والمريبة وتحترم حريات المواطنين وخصوصياتهم وقبل كل هذا وذاك ان تحترم المبدعين في كافة المجالات العلمية والادبية وان لا تسمح المساس بهم مهما كانت الاسباب لاسترجاع ثقة الناس بمؤسسات الدولة ولتكسب احترام العالم لها.