المنبرالحر

شهادة الشيخ الصفار و وثنية داعش / منير النمر

ليس من السهل عليك أن تتقبل نتيجة عمل ارهابي يضرب اي مجتمع في العالم، وليس من السهل تبرير الافعال الاجرامية من اي جهة كانت، لكن الاكثر مرارة هو ان يكون ضحية تلك الاعمال الارهابية شخص تعرفه شخصيا.
شخص تعرف انه عالم دين كان يصلي ويصوم كما بقية المسلمين، كما انك ستصل حتما وباستخدام ادوات عقلك ان الفاعل لا بد انه شخص وثني ينتمي لتنظيم وثني، لا يقيم للانسانية وزنا، ورغم اني لا أؤمن بالتصنيفات، وصولا للوثنية، إلا اني أجد استخدام المصطلح هنا من زاوية زخمه الخاص بتهديم دور العبادة التي يجب ان تبقى آمنة رغم حدة أي صراع مسلح.
وفي تفاصيل حادثة الدم والارهاب يقف حزننا مضاعفا، فالعملية الارهابية المنتهكة لحرمة مسجد الامام الصادق في الكويت ذهب ضحيتها مواطنون كويتيون مسلمون، ومن بينهم السعودي الوحيد الشهيد الشيخ جعفر الصفار الذي عرفته شخصيا مثالا للاخلاق والنبل والتسامح، ومن الطبيعي ان يحزن المرء لذهاب من يعرف، بيد ان التمعن فيما حصل يفتح الباب على ان وثنية داعش التي ضربت بلدي المملكة تستمر في ضرب الدول الخليجية، وان المؤمنين الذين استشهدوا على يد ارذل خلق الله فكرا وعملا، قتلوا في محراب الصلاة، كما ان الارهابي لم يعرف ان العمامة البيضاء التي لطالما امنت بالحب ولجميع الناس تنتصر عليه بصلاتها وايمانها. ان الشهيد الراحل الشيخ جعفر الصفار جمعتني معه جلسات ونقاشات في مجلس الشيخ سعيد ابو المكارم، وهو مجلس عامر
بشخصياته و مريديه من مختلف مناطق المنطقة الشرقية، ويعقد في بلدة العوامية، ونتذكر جميعا كما من القصص الجميلة التي كان يحدثنا بها. كان الشهيد السعودي الوحيد رجلا يحمل كل الطيب والاحساس بالمسؤولية تجاه امته الاسلامية، ولم يكن يحمل اي حقد مذهبي على مسلم سني كان او شيعي. وكان كغيره من علماء الدين الشيعة يرفض الارهاب بكل اشكاله ويدعو للسلم.
نعتقد ان رسالة الارهاب في تفجير الكويت لا تبعد كثيرا عن رسالة الارهاب في العمليات التي استهدفت الشيعة في السعودية بمسجدي الامام علي في القديح، والامام الحسين في العنود بالدمام، فالرسالة مفادها ان التنظيم الارهابي ممثلا بداعش واخواتها يريد احداث فتنة سنية شيعية من جهة، ويتكئ في ذلك على خطاب حاقد يبث الكراهية والتكفير ضد الشيعة في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، ومع شديد الاسف هناك من يدعم بقصد او بدون قصد هذا الخطاب الذي بات له رموز معروفة، كما نجده غير مكترث للسنة، فهو يقتلهم بشكل بشع غرقا أو تفجيرا، ما يعني أنه تنظيم وثني يريد فقط تنفيذ أجندته في الدول الإسلامية، وهو عدو مشترك للجميع، فقد قتل من السنة أكثر مما قتل من الشيعة.
إن تنظيم داعش بات يتمدد ويشكل الكثير من الخطر على منجزات الشعوب، ورأينا كيف يشكل التنظيم خطرا على مجتمع العراق بعد استفحاله، ونرى صورا للتنظيم (شعاره) تؤكد تواجده في دول خليجية، تماما كما كان يفعل قبل انتشاره بصورته الحالية في العراق، فهذه السياسة اتخذها التنظيم في بعض الدول مثل العراق، سوريا.
ان الحل الحقيقي يكمن في صنع سياسة متكاملة تعيد النظر في بعض مسلماتنا من التعليم الى الخطاب، وسن قوانين عبر مؤسسات الدول تجرم منتهكي السلم الاجتماعي ومثيري الفتن، وتطبيق أقسى احكام على المحرضين على الشيعة أو السنة في اطار قانوني بيّنٍ؛ ليكونوا عبرة...، وكل ذلك علنا نوقف المد الوثني لداعش.
هذا المد الوثني الذي يريد أعادة الناس لعبادة الاصنام عبر تطبيق هوى النفس والأجندة جعلت غير المسلمين، وهم نظرائنا في "الخلق" كما يقول الأمام علي "الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". جعلتهم لا يفكرون في الإسلام، بل ويرفضونه بسبب المذابح الكبيرة التي شاهدوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.