المنبرالحر

اليونان في رقصة تحدي مع الغول الاوربي / مؤيد عبد الستار

فاز انصار رفض الشروط الاوربية في التصويت بلا على التقشف الذي ارادت البنوك الاوربية فرضه على الشعب اليوناني .
لقد عانى الشعب اليوناني من الفقر رغم قبوله التخلي عن عملته الوطنية الدراخما و التحول الى عملة اليورو قبل ما يربو على عقد من السنين ، فقد سيطرت العملة الاوربية اليورو على مفاصل الاقتصاد واستطاعت ربط الاقتصاد اليوناني الى عجلة الغول الاوربي الجشع .
فرضت اوربا على اليونان التقشف خلال الاعوام الماضية ، وبدأت الضغط بطلب المزيد من شد الاحزمة على بطون اليونانيين الخاوية اساسا .
بدأت الازمة اليونانية منذ خمس سنوات ، حين بدأت بوادر ازمة ركود الاقتصاد الاوربي ، وهددت وقتها اسبانيا بالخروج من منطقة اليورو ، فحقنوها بعلاج مؤقت ساعدها على الاستمرار في الحياة لبعض الوقت وما زالت تعيش اقتصادا كسيحا لا يستطيع النهوض رغم السياحة وتصدير المنتجات الزراعية .
تعد اليونان احدى بلدان اوربا الفقيرة ، يعتمد اقتصادها على السياحة والزراعة ، اضافة الى اساطيل النقل البحري ، ولكن دخولها في منظمة الوحدة الاوربية ، جعلها هدفا للشركات الاوربية العملاقة التي استولت على اغلب المفاصل الاقتصادية الزراعية والسياحية والنقل البحري ، ومن الاشكالات التي تواجهها عدم تمكنها من اصدار العملة التي تتداولها – اليورو – لان مصدرها البنك الاوربي ولذلك تطرح الخروج من منطقة اليورو لكي تستطيع التعامل بعملتها الوطنية السابقة الدراخما ، والتي تستطيع اصدارها والتحكم بها من خلال البنك اليوناني الوطني ، وتحديد غطاء عملتها ، وهامش التضخم الذي تستطيع التعامل به في اقتصادها .
ستحاول اوربا الضغط على اليونان كي لا تخرج من منطقة اليورو ، ربما بمنحها بعض التسهيلات وخصم نسبة من الديون ، ولكن ستبقى اليونان جرحا في الجسد الاوربي ينزف الدماء ما دام الفقر يخيم فوق رأس المواطن اليوناني ، وما دام المطلوب منه ان يشد المزيد من الاحزمة على البطون.
ان خروج اليونان من منطقة اليورو سيحفز الدول الاخرى الفقيرة – وعلى الاخص دول اوربا الشرقية سابقا – التفكير مجددا بالفائدة التي تعود عليهم من البقاء في منظمة الوحدة الاوربية التي لم تطعمهم عن جوع ولم تغنهم عن فقر ، لذلك ستبذل اوربا ما بوسعها لمنع اليونان من الخروج من منطقة اليورو ، فمثال دولة رومانيا التي يتوافد مواطنوها الفقراء الى السويد للتسول على ابواب المحلات التجارية اكبر شاهد على عدم نجاعة العلاج الاوربي المتمثل بنظام اليورو او بالوحدة الاوربية .
يقر الغرب بوجود ازمة اقتصادية وركود اقتصادي وانتشار البطالة في اوربا ، ولكنه مع ذلك لا يفتح الابواب للتعاون مع دول العالم وانما يضع المزيد من العراقيل امام اقتصادات الدول الاخرى بحجج مختلفة مثل العقوبات على ايران و روسيا ، رغم احتياج اوربا للنفط الايراني والغاز الروسي ، ولكنها تتعامل مع البلدين من زاوية عدوانية لكي لا تسمح لهما بنيل استحقاقاتهما التجارية والصناعية ، ولكي لا تقفا على قدم المساواة مع الغول الاوربي الذي يريد التهام البيضة وقشرتها دون ان يدع للاخرين فرصة اقتناص اية لقمة من الاقتصاد العالمي ، فالغول الاوربي ممثلا بالشركات الراسمالية والبنوك الاوربية ديناصورات نهمة لا تشبع مهما استولت على ثروات شعوب المعمورة .