المنبرالحر

إيران: الملف النووي والتسوية السلمية..! / باقر الفضلي

بعد ثلاث وعشرين شهراً من المفاوظات، تكللت الجهود المتواصلة الى عقد إتفاق نووي تأريخي بين السداسية الدولية وإيران، تم بموجبه التوصل الى نقاط إلتقاء تبعث على الأمل في التوصل الى "عقد مؤتمر دولي خاص بتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. حسب ما جاء في تصريح وزير الخارجية الروسية السيد لافروف."(1)
وتأتي أهمية ذلك التصريح، من كونه يمثل إشارة ذات دلالات كبيرة، بشأن التسليح النووي الإسرائيلي في المنطقة، والذي يمكن وضعه في إطار المخاطر الأكثر تهديداً لها، لما يمثله من عناصر أكثر فعالية في تحفيز دول المنطقة الأخرى الى الإندفاع وراء التسلح النووي، شعوراً منها للحفاظ على التوازن الإقليمي من جهة، ولدرء أية مخاطر أخرى تستشعرها، قد يكون التسلح النووي الإسرائيلي من عواملها المحركة من جهة أخرى؛ الأمر نفسه الذي دفع بالسيد نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، الى رفض الإتفاق المذكور وإعتباره خطأ تأريخي للعالم، وبأنه سيسمح لإيران بتشغيل آلتها الإرهابية، على حد قوله..!؟(2)
ولكن، ومن جانب آخر، فقد كان في موقف إيران من الإتفاق نفسه، من الدلالات، ما يشير الى العقلانية في النظر الى ظروف المنطقة، والتعقيد الذي يحيط بها، وطبيعة التوازن الإقليمي والدولي وإنعكاساته على مصالحها، من الناحيتين الإقتصادية والعسكرية، ناهيك عن إدراكها لما يعنيه قلق دول الجوار الخليجية من الملف النووي الإيراني نفسه، وإستخدامه كذريعة في تأجيج وتأزيم الأوضاع الأمنية في منطقة الخليج، الأمر الذي، حتى بدونه، لن تنفك تعصف بالخليج عواصف الحزم والحرب وعدم الإستقرار..!؟
فالتوازن العقلاني في مفردات الإتفاق النووي، الذي تم الوصول اليه في النهاية، جاء ليعكس حقيقة التوافق الدولي من جانب، وحقيقة النظرة الموضوعية لطبيعة ما يحيط بإيران على الصعيدين الإقليمي والدولي، من مواقف متصلبة، وصلت حد فرض العقوبات الإقتصادية والسياسية عليها، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و الإتحاد الأوروبي، ، بما فيها الحصار المفروض على صادراتها الإستراتيجية، وفي مقدمتها النفط، من جانب آخر..!؟
كل هذا، وكما يبدو للمراقب من تطور حالة الملف النووي الإيراني، فقد لعب ذلك دوراً مهماً في التوصل الى بنود الإتفاق النووي، في نفس الوقت، الذي أدركت فيه الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا، بأن محور المفاوظات مع إيران، هو الطريق الأكثر سلامة، في التوصل الى حل موضوعي للملف النووي الإيراني، وتجنيب المنطقة وحلفاء أمريكا فيها، وفي مقدمتهم إسرائيل، مغبة التصعيد الأمني، وضمان سلامة مرور النفط الى مواقع التصدير، ناهيك عن تطمين أمريكا لحلفائها الخليجيين وإسرائيل؛ " من أن الإتفاق النووي مع إيران سيجعل العالم أكثر أمناً "، حسب قول السيد كيري وزير خارجية أمريكا...!(3)
إن الإتفاق النووي بكل أبعاده السياسية والعسكرية، يعبر عن مرحلة جديدة في العلاقات الدولية الأكثر إستقراراً في المنطقة، ويمنح إيران ثقلاً واضح المعالم في التاثير على مسارات الصراع في المنطقة، وكونه جاء منسجماً مع مباديء ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي في تأمين السلم والأمن الدوليين، خاصة وأن الإتفاق المذكور قد عبر من جانب آخر، عن كل ما تعنيه حالة الإخلال في التوازن الدولي على صعيد المنطقة أو العالم من تداعيات، قد يكون من المتعذر توقعها أو ليست بالحسبان..!؟
حيث أصبح من العسير الإنفراد بالتحكم بشؤون المنطقة، من جانب قطب واحد، دون الأخذ بالإعتبار مصالح الأقطاب الأخرى، ومصالح الدول والقوى المؤثرة على الصعيد الجيوسياسي، الأمر الذي وجد تعبيره الواضح، في تصريح كل من الرئيسين الأمريكي والإيراني في تعليقهما على الإتفاق..!!(4)
باقر الفضلي/2015/7/14