المنبرالحر

نريد الكهرباء .. يا سيدي رئيس الوزراء/ احمد عواد الخزاعي

هل تعلم يا سيدي إن الكهرباء تكاد تكون غائبة عن بيوتنا تماما ، ودرجة الحرارة قد تجاوزت الخمسين مئوية ..؟.
هل أخبرك مستشاروك ومن حولك بذلك ..؟.. أم إنهم لم يتجاوزوا حدود نعيم المنطقة الخضراء ولا يعلمون ما يدور خارجها ..؟.
منذ بداية الصيف والكهرباء غائبة في معظم مدن العراق كغياب امنه وراحة البال لدى مواطنيه ، الكهرباء ضائعة كضياع مؤسساته الدستورية .. سيدي رئيس الوزراء نحن نخاطبك أنت لأننا لا نعرف غيرك ، ثقافة نشأنا عليها منذ طفولتنا ، أن يكون القائد بيده كل شيء ، بيده الكريمة يمنح المكرمات ، ويلغي القوانين ويضع قوانين أخرى ، بيده يطعمنا ويمنحنا الهواء كي نتنفس ، وبيده يرسم لنا خرائط قبورنا ومقابرنا الجماعية ، بمزاجه الملكي يدخلنا في الحروب والأزمات ، وبرغباته يمنح ثروتنا لمن يشاء من خلق الله ، ونحن نأكل الحصرم .
عذرا سيدي فهكذا نشأنا ، حين كنا صغارا نصطف كل يوم في ساحة المدرسة مؤدلجين رغما عنا كي نصفق للقائد الأوحد ، ونتغنى بأمجاده الزائفة ، ننشد لأمة العرب .. ( بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ) ، وحين كبرنا أدركنا إن مصيبتنا كانت في قائدنا الأوحد وفي هذه الأمة التي تبين أننا عضوا غريبا عنها ، وها هي تسعى للقضاء على الشام وبغداد .. ثقافتنا الجمعية ولا وعينا يفرض علينا أن نخاطبك سيدي لأنك رأس هرم السلطة ، في بلد قد غابت عنه دولة المؤسسات لأكثر من خمسة عقود مضت ، نحن نعلم جيدا إن حكومتنا هي حكومة محاصصة حزبية وطائفية وقومية ، ووزاراتنا أصبحت كانتونات تتقاسمها الأحزاب والطوائف فيما بينها ، وينخرها الفساد الإداري والمالي .. لكننا نلمس فيك عفة اليد والوطنية والتواضع وهذه من صفات القادة النبلاء، فكن حاضرا بيننا، نحن لا نعرف وزير الكهرباء ولا من هو المسئول عنها .. لكننا نعرفك أنت ونطالبك بالكهرباء .. الإرهاب اخذ مأخذه منا وملئ بيوتنا بالحزن وبالأرامل والأيتام والمعاقين ، وسحقتنا الأزمات والانتكاسات ونحن نعوم على بحر من البترول لم نلمس منه غير البؤس والحرمان .. لقد أحرقتنا شمس صيف العراق، ولا كهرباء تلوح بالأفق حتى بدا ما يحدث كأنه عقوبة جماعية لهذا الشعب المغلوب على أمره .. فكن بيننا وامنحنا جزء يسير من حقنا كبشر ، فقد تساقطت أحلامنا في هذا الوطن كأوراق الخريف ، وأمست جل أمانينا أن ننال ابسط مقومات الحياة ، نحن لا نطلب المستحيل غير إننا نريد الكهرباء ، في هذا العالم الذي تجاوز الفرد في الكثير من بلدانه عقدة الحقوق والواجبات ليتحول فيها الإنسان إلى غاية ، كل شيء فيها من اجله ولخدمته ولحفظ كرامته .