المنبرالحر

خارج الخدمة!! / طه رشيد

حدثت ذات مرة في منتصف احدى الليالي الباريسية، مشاجرة في ضواحي المدينة بين شرطي(خارج الخدمة) واحد المواطنين، قتل على إثرها الشرطي. وما أن وصل عقرب الساعة إلى الثانية حتى وصل وزير الداخلية الفرنسي الى مكان الحادث، وكان ذلك قبل أن يجف دم الشرطي. وطلب الوزير تحقيقا سريعا في الحادث وثم سرعان ما تم إلقاء القبض على الجاني.. حركة الوزير كانت مثار احترام الجميع بما فيها القوى المعارضة للحكومة!
في السبت الدامي الذي مضى، سقط أكثر من مائة شهيد في ناحية بني سعد (خان النص سابقا)أغلبهم نساء وأطفال خرجوا يبحثون عن فرحة العيد في السوق ولم يعلموا أن وحشا كاسرا، ليس له علاقة بالحياة، كان في انتظارهم. اوباش داعش وبقايا نتنة من حزب العفالقة ومخربون داخل جهاز الشرطة قد كمنوا لهؤلاء المساكين لتحدث أبشع مجزرة منذ السقوط و لحد كتابة هذه السطور. انقلب العيد إلى مأتم ونددت السلطات الثلاث بالجريمة أيما تنديد! وتمت إقالة بعض أفراد الشرطة لكن لم يصل للمنطقة مسؤول رفيع واحد إذ انهم انشغلوا بالتدافع امام مكرفونات الفضائيات للتنديد مثنى وثالثا واربعا.
اما وزارة الداخلية فلا تحتاج لزيارة المنطقة فقد حشدت كل رجالها للكشف عن الجاني قبل وقوع الحادث! ومن خلال البحث اكتشفت المفاجأة الكبرى والعظيمة والتي ستؤدي إلى استقرار، لا العراق فحسب، بل كل المنطقة!! فأصدرت امرا وزاريا تم تعميمه على كل الضباط الملزمين بتنفيذه، يقضي بغلق محلات بيع المشروبات الكحولية غير المرخصة وفق أحكام قانون هيئة السياحة..و.. لاحت فؤوس الخراب / تلمع بني النوادي، وتنفيذا لهذا القرار انتقلت قوات الداخلية مدججة بالسلاح لتهاجم فنادق من الدرجة الألى، والتي تمثل جزء من وجه بغداد السياحي، لتكسر أبوابا وتخرب صالات طعام وتعتقل عمالا وفنانين.
وكانت الإساءة الأولى في هذا العمل موجهة إلى هيئة السياحة صاحبة المصلحة الأساسية بوجود فنادق من طراز رفيع ومحترم. وهذه المعلومات ليست كيدية، بل موثقة بصور فلمية عرضتها بعض القنوات التلفزيونية. وبشر المبشرون بأن بغداد ستصبح » قندهار »! وراح البعض الاعظم يلقي جام غضبه على العملية السياسية، وكأن التغيير الذي حصل بالتحول من نظام شمولى إلى نظام برلماني هو المسؤول عن كل التجاوزات التي تلحق بالدستور أو بحقوق الناس بالسكن والمشرب! واندفع بعض اخر بالترحم على النظام السابق متناسيا نقطتني جوهريتين اولهما أن من تفتق ذهنه منع محلات ونوادي الترفيه الاجتماعي هو صدام صاحب الحملة الإيمانية، والذي انتهى هو وحملته إلى مزبلة التاريخ. أما النقطة الثانية فهي الدرس الذي يجب أن نستوعبه من هكذا حملات لأن نتائجها ستكون عكسية تماما وستزدهر بعد ذلك تجارة المخدرات والحشيش واللذين لا يوجد نص ديني يقضي بتحريمهما. واذا لم تصدقوني اسألوا أهل مكة عن حي من بيوت كلسية بيضاء يقع في طرف قريب من بيت الله، لماذا يسمونه شيكاغو؟ ! يقول المثل العراقي » الدك الحيل يشلع البسمار » فاحرصوا على المسمار لأن اعادته الى الجدار سوف لن تكون بالمهمة السهلة.