المنبرالحر

رسائل جاسم المطير (30) إلى العزيزة أم دريد .. يا أم الشهيد الغالي دريد..

لا املك ،في هذه اللحظة الحرة، غير كلام التحية والتمجيد، عسى أن تكون قادرة على التعبير الحق عن مشاركتكِ مع كثير من نساء بغداد الواعيات، الشجاعات، في تحمل مسئولية وطنية كبرى اقدم عليها المتظاهرون والمتظاهرات عصر يوم الجمعة 31 – 7– 2015.
يا أم دريد.. يا أم الشهيد دريد.. يا من كنتِ تمثلين الاحساس الاخلاقي مع جميع النساء المشاركات لإخوانهن وابنائهن من الرجال والكتاب والشعراء والفنانين والفلاحين والعمال ،تحت نصب الحرية، في ساحة التحرير، صارخات بتدفق وطني ضد دمى يعسوبية جلست على كراسي المسئولية الحكومية ،بأموال وحراب ودكتاتورية المحاصصة المصابة بجذامٍ ممتدٍ في كل فضاء سياسي . دمى هابطة من جذور العصور المظلمة جعلتْ نور الكهرباء في بغداد والعراق شيئاً مستحيلاً في عصرِ فتوة القرن الحادي والعشرين.
حسناً فعلتِ يا أم دريد حين خرجتِ من بيتكِ يدفعك شعور وطني غامر بغية رفع الصوت العراقي، ليكون ذا قيمة، ربما تدفع مسئولي الحكومة ووزرائها إلى مرتبة الفهم والادراك بأن بقاء مشكلة توفير الطاقة الكهربائية وانتقالها ، ملتوية ، متهافتة ، صدئة ،من يد وزيرٍ إلى وزيرٍ آخر خلال 12 سنة بلا حل ولا معالجة هي من صنف جرائم الخنافس السود التي لا تحب الضياء.
يا أم دريد.. يا أم الشهيد دريد.. يا كل النساء والرجال.. يا شباب العراق كله .. يا من تظاهرتم احتجاجاً على عدمية خدماتٍ ، نلمسها و نراها في الواقع العراقي المشهود مختنقة بالفساد المالي والاداري كمظهر من مظاهر زمان ليس فيه غير عار نهب المال العام قدحت منه وفيه وعليه شرارات (داعشية) مجرمة.
الفاسدون هم صانعو مجتمعنا ، الكئيب، الحائر والمتخلف، المليء بالكثير من الامراض السياسية والاجتماعية والاقتصادية. لقد اصبح مجتمعنا في زمان الدستور والانتخابات والادعاء بالديمقراطية مجتمعا تسيطر عليه وعلى إدارته وادارة خدماته العامة كثير من الوزراء والمدراء والنواب والمستشارين ،ممن لا يملكون وجداناً انسانياً، ممن لا يتجاوبون مع رغبات الشعب العراقي في تملك أبسط حقوق الإنسانية في توفير الطعام ،والماء، والكهرباء ، والخدمات الصحية، وإنقاذ شبابنا من البطالة وحرمانهم من كل ما يجعل المواطن العراقي يبلغ مرحلة بسيطة من مراحل كمال الشخصية الانسانية.
هذا الدافع القوي جعل الانسان العراقي ،رجالاً ونساء، يسعون خلال المظاهرات الشعبية ،في بغداد والبصرة وكربلاء والنجف والمثنى وبابل والناصرية ، إلى تأكيد موقف انساني شعبي عظيم ضد وزراء وموظفين خلقوا ويخلقون المعوقات أمام توفير وتطوير الخدمات العامة بأعذار مليئة بزيفٍ وانحرافٍ ومدعيات جوفاء كاذبة تفرعت منها (نظرية الكَيزر) البليدة.
يا كل المتظاهرين والمتظاهرات واصلوا ،جميعاً، انطلاقكم وتحرركم بوجه الفساد والفاسدين لتغيير التراجيديا المأساوية البائسة المسيطرة على بلادنا منذ 12 عاماً. نحن على ثقةٍ تامة أن حِراك الشعب الصابر لن يتخاذل، لن يتراجع، لن ييأس ولن يستسلم، لأنه مهما ارتفع صراخ الفاسدين وتنديدهم بمستوى نضالكم الجديد في شوارع بغداد كلها، فأنهم يظلون عاجزين عن رفع رؤوسهم أمام ضياء الشمس. لقد أثبت شعبنا العراقي ، في تاريخه الحديث كله ، أنه يملك روحاً نضالية، يملك شعوراً عميقاً بقدراته الايجابية الواقعية في الانتصار على جميع منتهكي حقوقه العادلة، على جميع المسئولين الحكوميين الجاهلين لحاجات العصر الحالي ومشاكله. يا شباب بلادنا: ضاعفوا اصراركم على التظاهر في منطقة البياع والكاظمية والعامرية والاعظمية والمحمودية وغيرها من المناطق والمدن والقرى والمحافظات وعبّروا عن مطالبكم العادلة بصوتٍ غضوبٍ وبحِراكٍ سلمي كفلهما القانون والدستور فتلك معالم بارزة في شخصية الانسان الباحث عن حقوقه وكرامته.
يا أم دريد.. يا كل النساء المتظاهرات المتطلعات إلى حقوقكن: واصلن قول الشجاعة والحرية من اجل كرامتكن ومستقبل اطفالكن.. ابحثن وابحثوا جميعا عن حبال الوحدة الوطنية الجامعة، القادرة ،وحدها ، على تحقيق التغيير المطلوب في الحياة الاجتماعية كلها على اساس الكرامة والحرية .
يا ام الشهيد دريد ، ايتها المناضلة ،شقيقة المناضل، وزوجة المناضل . يا كل النساء المتظاهرات ، يا كل الرجال المتظاهرين:
هزّوا قلوب الحكام بعدالة مطالبكم ،
رجّوا اذهان الحكام بحقوق الانسان ،
نادوا بالقيم الانسانية،
استميتوا في الدفاع عن مستقبل اطفالكم ،
قفوا بحزم ضد كل من يتحدى روح العصر وحاجاته الاساسية. ضد كل من يريد قطع خيوط الحياكة وصناعة الخبز وزراعة القمح وحرق ثروة الغاز وغلق ابار النفط.
ايها الشبان لن تنتصروا بغير اتحاد الصوت والقلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 2 – 8 - 2015