المنبرالحر

الايزيديون والمكونات ضحايا العنف والإرهاب بكل أنواعه / مصطفى محمد غريب

بكل صراحة وصدق أن الإرهاب السلفي والأصولي والبعثي ( داعش والقوى التكفيرية الإرهابية والمليشيات الطائفية وحزب البعث) يتحملون مأساة العراقيين من جميع المكونات الدينية والعرقية والقومية فلا يمكن تبرئتهم عما جرى ويجري الآن ويتحملها ممثليهم من أحزاب وتنظيمات وأفراد لأنهم الآلات والآليات التي تنفذ بدون مسؤولية وطنية ومثلهم مثل القاتل الذي يقتل الإنسان ويمشي معزياً في جنازته، وأكثر في الإيضاح هم " وجوه لعملة واحدة ".. وهنا تنطلق المعادلة في القول المأثور " شر البلية ما يضحك "وعندما نذكر هذه المقولة " شر البلية ما يضحك " لا نعني أننا نؤمن بالشكل للمقولة بل مضمونها الذي يعني بالضبط " شر البلية يبكي ولا يضحك " لان البلية حالة من البلاء إذا أصاب الناس لا يضحكهم بل يبكيهم ويحزنهم، والبلاء الذي أصاب الايزيديين لا يشابهه بلاء آخر ولا يمكن اعتباره حدثاً سرعان ما تنساه ذاكرة الإنسان لأنه يحتاج ليس إلى التضامن في التصريحات والبيانات فحسب بل أيضاً العمل الجدي للتخلص من آثاره التدميرية وتقديم الحلول التي تساعد وفي المقدمة الدعم المادي والمعنوي والملاحقة القانونية ليس للمنفذين فقط بل لأولئك الذين خططوا أو ساعدوا لقيام هذه المجزرة البشرية.. أما نذالة السكوت عن ضحايا الايزيديين وغيرهم فنحن نقر أن هذا السكوت جريمة دينية وأخلاقية وقانونية وإنسانية لا تقل عن الجريمة التي قام بها التنظيم الإرهابي المسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش" كما أنها جريمة يتحمل أوزارها نوري المالكي لأنه كان القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء، إي الرجل الأول في الدولة تقريباً ويتحمل المسؤولية في تسليم الموصل الذي أدى بالتالي إلى ارتكاب الجرائم في سنجار وملحقاتها، وللإنصاف لا يتحمل نوري المالكي كل المسؤولية بل قسماً منها تتحمله الكتل السياسية ووزرائها المُشاركة في وزارته، وكانت حصيلة أعداد قتلى ونازحي الايزيديين حسب إحصائيات نشرتها حكومة الإقليم قد بلغت ( 400 ) ألف نازح من حوالي ثلاثة ملايين ونصف من مختلف المكونات منذ بداية عام ( 2014 ) أما عدد القتلى فقد بلغ ( 1280 ) قتلوا خلال هجوم داعش على سنجار إضافة إلى وفاة ( 280 ) وفقدان ( 841 ) شخصاً بينما جرى الكشف عن عدد المخطوفين من قبل تنظيم داعش الإرهابي فقد بلغ ( 5800 ) شخصاً ضمنهم النساء والفتيات حيث اعتبروهن سبايا.
كما أن جريمة المحاباة والحركة السلحفاتية تتحملها حكومة حيدر العبادي لأنها لا تتحرك بشكل سريع لمعالجة أوضاع النازحين وبخاصة الايزيديين، وبكل صراحة تتحملها أحزاب الإسلام السياسي المتنفذة على الرغم من البيانات والتصريحات والصراخ والادعاء بمظلومة الايزيديين ثم السكوت وكأن شيئاً مر عابراً ثم ركن في الذاكرة، وهو أمر محزن ومؤلم عندما نقرأ أن 25% من نازحي العراق من الايزيديين وهي نسبة تمثل المأساة بوجهها الحقيقي للمجزرة التي حدثت بعد سيطرة داعش على الموصل ومناطق أخرى وقد أشار محما خليل القيادي في قوات البيشمركة في جبل سنجار بان " هناك أكثر من ( 6 ) آلاف قتيل " إضافة إلى اكتشاف ( 11 ) مقبرة في سنجار ما عدا اختطاف مئات النساء والفتيات الايزيديات وجعلهن سبايا بعد اجتياح مناطقهم ومدنهم، وحسب تصريح محما خليل " منذ اجتياح داعش لمناطقنا، تم سبي ( 5 ) آلاف فتاة ايزيدية، منهن ( 1916 ) تم تحريرها " .
في القاموس العربي السبي هو احد الجرائم البشعة التي كانت ترتكب تحت طائلة الغزوات بين القبائل قبل الإسلام أو الحرب واحتلال أراضي الغير بالقوة، فيسبى الناس العزل من السلاح وفي مقدمتهم النساء للمتاجرة والجنس والرقيق وتعني كلمة سبي معانٍ أخرى لسنا في صددها " سَباه اللهُ وأبعده " أو "سَبَتْ عَقْلَهُ " وإنما في المعني الذي قاله محما خليل بالمفهوم القبلي القديم الذي يعني.. " كان المحاربون القدماء يسبون نساءَ مَنْ يعتقدون أنهم أعدائهم" لكن في العصر الحديث وفي الربع الأول تقريباً من القرن الواحد والعشرين يعتبر قمة الخزي والعار ما قام به دواعش الإرهاب بنذالتهم ونذالة البعض من الذين تمادوا في الحكم وهم يدعمون سبي " الكفار " والايزيديين كفار في عرفهم المتطرف، قاموا بجريمتهم بسبي النساء الايزيديات الحرات ووضعوهن في مزاد النخاسة والجنس ثم أعلنوا أنها شريعتهم لا بل أعلنوا الأسعار في وثيقة أعلنوها للملأ وقد نشر إعلانهم على موقع ( فيتو المصري " المرأة الإيزيدية والمسيحية البالغة من العمر 30 إلى 40 سنة يصل إلى ( 75 ) ألف دينار أما الأعمار من 20 إلى 30 فيبلغ ( 100 ) ألف دينار ومن 10 أعوام إلى 20 تبلغ قيمتها ( 150 ) ألف دينار أما الطفلة من عمر سنة 9 سنوات فكانت الأعلى ثمنا فهي ( 200 ) ألف دينار" هذا هو السبي العصري ونذالة المواقف المتذبذبة التي تقف بالعلن ضده وفي الباطن تشعر بفرح التطبيق لأنهم كفار.
ها هي الذكرى الأولى تمر على جريمة الابادة والتهجير والسبي والاتجار بالبشر وبأعضائهم الجسدية الذي تعرضت لها المكونات الدينية والعرقية في محافظة نينوى وفي مقدمتهم الايزيديين والمسيحيين، ها هي الذكرى تمر والأمور تراوح في مكانها وكأنها وضعت على رف الذكريات مقابل البعض من الخطابات والبعض من البيانات التي تتألم بمرارة وتستنكر!.. نعم تستنكر المجزرة وتتوعد بالثأر وكأننا نعيش الثارات القبلية بدون تقديم حلول ملموسة لمعالجة آثار الجريمة التي ما زالت تتفاعل وهي مستمرة ضد المكونات والجماعات العراقية التي تنوء تحت إرهاب وبطش داعش في المناطق التي يهيمن عليها، مر عام لا يقل دموية ولا جريمة عن البداية، فالحرب مستعرة وعشرات من الضحايا القتلى والمصابين والخراب يزحف كرمال الصحراء التي لا صد لها وهي مستمرة بلا هوادة، والمفخخات والتفجيرات والاغتيالات تتزايد باطراد على الرغم من الذين يتندرون! ويكررون منذ أن شهدها العراق " كثرتها تعني لفظ أنفاس الإرهاب لان أيامه القريبة معدودة " وهو ما يتكرر على مسامعنا وكأنه أغنية سمجة تضحك على الذقون. والفقر والبطالة مازالا الداء المستفحل بدون أية معالجات قريبة ، أما الخدمات فها هي جماهير أكثرية المحافظات وفي مقدمتها بغداد تنتفض وتخرج للشارع تستغيث من جريمة الكهرباء ووعود حسين الشهرستاني بعدما ضخت عليها المليارات التي لا تعرف كيف أنفقت ومن هم المسؤولين الأساسيين عنها، وتستغيث منذ سنين ولا مجيب من الحر القاتل ومن سوء الخدمات ومن الفساد والفاسدين، وكبار المسؤولين بما فيهم رئيس الجمهورية ونوابه الذين يتفننون بالتنظير وكل واحد منهم في وادٍ ورئيس الوزراء ونوابه المشبعين بالتصريحات والاجتماعات ورؤساء أكثرية الكتل السياسية والدينية والبرلمانيين الحزبين من الجهات المتنفذة يتغنون بكلمة الديمقراطية " من حق الجماهير أن تتظاهر وهذه هي الديمقراطية!!" وهو مورفين جديد لتسكين وجع واستياء وغضب واحتجاج أكثر من 95% من أبناء الشعب عكس ما فعله نوري المالكي وجماعته في ائتلاف دولة القانون وحزبه عندما وجه " دَرَكه وقواته الخاصة " للقمع والاعتداء والقتل والاعتقال وكان هو الآخر يتغنى "بالديمقراطية الجديدة والمادة ( 4 ) إرهاب"، أما الحديث عن ما يعانيه الشعب بعربه وكرده وتركمانه وكلدو اشورييه لا يمكن أن يختزل بمقالة أو حتى موسوعة تضم عشرات المجلدات.
مر عام على مأساة الايزيديين والمسيحيين والمكونات الأخرى بما فيهم العرب الذين يناهضون التطرف والإرهاب وهم الأكثرية بلا علاجات جدية.. نعم مر عام على الابادة الجماعية والفردية وبالعودة إلى سوق النخاسة واعتبار الناس كما هي العصور الجاهلية والقرون الظلامية عبيد للأسياد، ولم نلمس إلا القليل والقليل جداً من الحلول أما الباقي فكلام معسول ووعود تصل في الكثير من الأحيان إلى الأحلام والأوهام.
إن من يتحمل هذه المجزرة وما نتج عنها أولئك المسؤولين الذين تركوا الموصل وارض المعركة للقتلة الذين يعرفونهم حق المعرفة ويعرفون جرائمهم وحقدهم على الإنسان بدون تمييز إلا اللهم من يقف فكرياً معهم ويناصرهم ويطيعهم إطاعة عمياء.. مر حوالي ( 12 ) عاماً على احتلال العراق وسقوط الصنم واستلام السلطة من قبل الأحزاب والكتل الدينية السياسية وقيام المحاصصة والجميع يشهد ما حل بالبلاد والعباد من أوضاع مزرية اقل ما فيها التطاحن والتهيج الطائفي وملامح التقسيم الذي نلمسه باليد والعقل " المواطن من القومية العربية أو مواليد غير الإقليم من الصعوبة السفر إلى كردستان العراق، والمواطن الكردي من الإقليم تمنعه البعض من المليشيات من زيارة بغداد حتى لو كان الأمر متعلقاً بالعمل والتجارة ، أما الشراء أو الانتقال للسكن والعمل فذلك يندرج تحت قائمة من سابع المستحيلات إلا اللهم رضاء الأطراف المعينة وموافقتهم حسب الانتماء والتأييد!!
ــــ أليس هذا التمييز وغيره بداية للتقسيم؟!
ولن نتحدث مطولاً عن بقية البلايا والرزايا والمحن والمآسي والتهجير والنازحين وووووو ...الخ لكن نقولها بصراحة
ــــ من لا يستطيع قيادة وإدارة البلاد بشكل وطني إلى شاطئ الأمان والسلام والعدل عليه أن يتنحى إذا كان يملك أدنى ضمير ويترك الساحة للأنظف والأحسن والمخلص من العراقيين، ولا تحدد هذه القضية بالطائفية والمحاصصة الحزبية وإلا سيكون مصيره المزبلة التي تحتوي على أولئك من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمجرمين والدكتاتوريين الذين يٌلعنون في كل ثانية وهم مثال السخرية والشتم، مثال للظلم والقهر والفساد. التقسيم أيها السادة المسؤولين ليس بالجغرافيا فحسب بل في القضايا التي تخص التمسك بالوحدة والتضامن والدفاع المشترك عن المصالح العامة قبل الخاصة!