المنبرالحر

هل هذا هو ما ينتظره شعبنا من الطبقة الحاكمة ؟ / صادق محمد عبد الكريم الدبش

بادئ ذي بدء ...لتقويم مسار الدولة ووضعها في مسارها الصحيح ، بعد الأنهيار الشبه كامل في كل المؤسسات [ السياسية ...والأقتصادية ..والخدمية ..والأمنية ...والأجتماعية ..والأخلاقية ...والثقافية ] ..وكل هذا ناجم عن فشل القوى الممسكة في أدارة الدولة والمجتمع على حد سواء ، والأسباب متعددة وكثيرة !..ولكن جوهر وأس هذه الأمور هو فلسفة النظام وقصور رؤيته وتخلفها وعدم توائمها مع حركة الحياة ، وغياب المهنية والوطنية والأمانة لدى الغالبية العظمى من هؤلاء ، ولغياب السياسة المبرمجة والعقل المخطط وأدوات التنفيذ الذي يعتمد على الحرفية والعلمية والأفتقار الى الخبرة التراكمية في فن أدارة الدولة ، وأنهاك مؤسسات الدولة وتدميرها جراء الفساد المالي والأداري والسياسي ، ونتيجة الطائفية السياسية والحزبية ، والمحاصصة التي أدت الى تعطيل شبه كامل للأبداع الفردي والجماعي وتشجيعه ومنعه من أخذ دوره ، اضافة الى غياب وسائل الرقابة والتفتيش والتوجيه والمحاسبة، الذي أدى الى الانهيار والفشل في مرافق الحياة ، وأثر بشكل مباشر على حياة المجتمع وطبقاته المسحوقة مما زاد في نسبة الفقر وبشكل كبير ، نتيحة أداء هذه المؤسسات .
ولهول التراكمات والأداء السيئ ، وما تحملته جماهير شعبنا من ضغوط في مجمل مرافق الحياة ، وبعد أنتظار طويل ولسنوات عجاف ، ونتيجة للوعود الكاذبة والمضللة ..والخراب والدمار وغياب الأمن والخدمات ، خرجت الجماهير منتفضة صارخة بوجه هؤلاء الحكام مهددين بالقصاص ومطالبين بالتغيير وتوفير الأمن والخدمات ومعالجة مشاكل البطالة ومحاسبة المقصرين وفق القانون وأجراء كل ما من شئنه أحداث عملية التغيير الشامل في البلاد، ومن دون تسويف ومماطلة .
وحتى تسير الأمور وتلبا أرادة الناس ولتقويم وتعديل المسار ، على السلطات الثلاث في الدولة أن تقوم بأعادة وهيكلة وبناء هذه المؤسسات، وعلى أسس جديدة وصادقة ...وليس أجراءات ترقيعية وتجميلية كاذبة ومضللة ..! تكون الغاية منها أمتصاص نقمة الناس وتهدئة روعهم وثنيهم عن الأستمرار بمطالبهم ...والذي أراه على أرض الواقع هو كذلك بالضبط وليس هناك لحد اللحضة ما يشير الى البدء بعملية أعادة بناء الدولة .
بالتأكيد النسيج الموجود في هذه السلطات كافة ( التنفيذية ..والقضائية ..والتشريعية ) هم من الأحزاب الحاكمة !..أو في أغلبهم من أحزاب الأسلام السياسي ، ومثل ما أسلفنا ..وما أفرزه الواقع العراقي، الذي أثبت فشلهم وعجزهم بالوفاء بألتزاماته ، مما احالوا الدولة الى بؤرة من بؤر الفساد بكل أشكاله ..والذي أصبح يضرب المثل بدولتنا الأكثر فسادا في العالم مع الأسف الشديد . أن بقاء هؤلاء في مراكزهم وفي السلطات الثلاث !..لهو المعوق الحقيقي في أصلاح ما دمروه والمفروض أن يعاد بنائه من جديد ، وخلال الأسابيع الماضية أكدوا هم كذلك على عدم رغبتهم في عملية أعادة بناء الدولة ، بما في ذلك نظامها السياسي من خلال ( فلسفة الدولة المدنية الديمقراطية ) وليس فلسفة الدولة الدينية .
ففي السلطة التشريعية مثلا مازال قانون الأنتخابات يراوح مكانه وتريد هذه الحيتان المهيمنة على السلطة التشريعية أصدار قانون مفصل على مقاسهم هم !..وليس قانون رصين وعادل ووطني يحمي حقوق الجميع وتنتج عنه أحزاب وطنية تعمل على الأرض العراقية ..غير عنصرية وغير مرتشية ولا تثرى على حساب المال العام ، ومطالبة هذه الأحزاب عن مصادر تموينها ، وعن برامجها ، وتخضع لمبدء من أين لكم هذا ، ولكنهم يخشون من أصدار هكذا تشريع !قد يعرضهم للمسائلة والمحاسبة . على جماهير شعبنا أن تعي هذه الحقيقة وتصر على أصدار قانون عادل ومنصف ووطني يمثل أرادة الجميع ويحفظ حق الجميع .
وهناك أجراءات تقع على عاتق هذه السلطات الثلاث الواجب القيام بها وفي أسرع وقت ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
الأسراع بقيام هيئة مستقلة للنزاهة ..وأن تكون مستقلة ووطنية ونزيهة ويتم رفدها من أكفأ المتخصصين والمهنيين ..لتقوم بواجبها على أحسن وجه ، وليس مثل التي نراها اليوم ( أسم ليس على مسماه ) فهي غير مستقلة وغير مهنية .
والمسألة الأخرى وهي ( المفوضية المستقلة للأنتخابات ) والتي كذلك مثل هيئة النزاهة ..يجب أن تكون مستقلة قولا وفعلا وليس مثل سابقاتها ، ويجب أن تكون بعيدة عن الحزبية والطائفية والمحاصصة ..وبأسرع ما يمكن .
وكذلك مجلس الخدمة والذي هو حلقة مهمة من عوامل الترهل والفساد في مفاصل الدولة كافة ، وهو أحد الوسائل الناجعة والناجحة لمحاربة الفساد والمحسوبية والطائفية والمناطقية والحزبية ، وهومن الأمور الحيوية والهامة .
هذه بعض العينات السريعة ولكن هناك فيض من الأجراءات والتي تحتاج الة تشريعات وقوانين وقرارات سريعة وعاجلة .
في القضاء وسلطاته ، والذي يحتاج الى أجراءات كبيرة ونوعية في الكم والكيف من قاعدة الهرم حتى قمته ، بما في ذلك هيئة الأدعاء العام ، والمحكمة الأتحادية ومجلس القضاء الأعلى وهيكلة هذه المؤسسات والأتيان بقضات نزيهين ومهنيين ووطنيين ، ومشهود لهم بالنزاهة والأمانة والأخلاص ، والأغداق عليهم ماليا وتأمين الحصانة والحماية الكاملتين لكي يقوموا بواجباتهم على أحسن وجه ، والفصل بين السلطات .
والمسألة الأخرى وهي المؤسسة الأمنية والتي تحتاج الى أعادة النظر بكل تشكيلاتها وهياكلها ، وتسليم أدارتها لأناس مهنيون أكفاء ومستقلون وبعيدين عن تأثير الأحزاب والطوائف ، وحصر السلاح بهذه المؤسسة دون غيرها ولن يسمح لأي جهة أو حزب أو جماعة بأمتلاك للسلاح أوحيازته ، بمعنى حل ( كل التشكيلات المسلحة من ميليشيات وحشد شعبي وعشائر ..أفراد وجماعات ) وكذلك عودة الخدمة الألزامية الى القوات المسلحة لتعود هذه المؤسسة وطنية ورصينة ومنضبطة ...وتأدي مهمتها في الدفاع عن العراق وعن أمنه وسلامة أراضيه ، وتصون وحدته وكرامة شعبه من أي عدوان .
وهذه عينات لما يتوجب القيام به وبشكل عاجل ، ومن الواجب أن تنهض بها هذه المؤسسات والسلطات الثلاث ، وحتى تثبت الدولة مصداقيتها ووفائها لمطالب الشعب الذي وصل حد اليأس والقنوط من الحياة التي يعيشها ،نتيجة للسياسات ووالأخطاء التي أوصلتنا الى هذه النتيجة البائسة ، فما عليكم ألا الأسراع وبخطوات حثيثة في تبرير ثقة الناس بأجراءاتكم المرتقبة .