المنبرالحر

ما هو المطلوب : إصلاح أم تغيير؟ / آراز عباس

ان تظاهرات الشعب العراقي في ساحة التحرير والمدن العراقية الاخرى هي خير دليل على ان الشعب تواق الى الحرية ويريد تغيير واقع الحال الذي يعيشه لسنوات عجاف طويلة. واجد ان التغيير هو مسؤولية الشعب قبل ان تكون مسؤولية السياسيين. ان الشعب اختار من خلال صناديق الاقتراع البرلمان الحالي ، وبالنسبة لي كانت النتائج طبيعية جداً في ظروف صعبة امنية واقتصادية واستشراء الفساد ومفوضي انتخابات غير مستقلة وتشنجات في العلاقة بين الاقليم والمركز وعمل سياسي غير مبدئي ترافقه استخدام للمال العام من قبل رئيس الحكومة السابق و وزرائه وشراء الذمم بكل صلافة وانحدار اخلاقي كما شاهدنا ذلك من على وسائل الاعلام المرئية.
هذا الفساد وعدم الاستقرار الامني له اسباب رئيسية وجوهرية ، منها :
اولاً ــ النظام السياسي الحالي المبني على اساس الطائفية .
ثانياً ــ عدم كفاءة المسؤولين الامنين .
ثالثاً ـ الفساد المالي والاداري .
رابعاً ــ سياسة بلدان الجوار والقوى الاقليمية تجاه المنطقة والعراق.
أن النظام السياسي الطائفي الحالي اعتمد على النفط بشكل اساسي في"بناء" الاقتصاد. والاقتصاد العراقي هو ريعي وانعكاسات انحفاض اسعار النفط اثرت مباشرة على قوت الناس واوضاعهم، وبالتالي افتقار المواطن لابسط الخدمات من ماء وكهرباء وبنية تحتية لسنوات عديدة. انها نتائج نظام المحاصصة القائم منذ عام ٢٠٠٣ الذي لقى قبولا عند القوى الاسلامية السياسية ، التي وجدت ان هذا النظام يحمي مكاسبهم الحزبية الضيقة ، لا حياة ومستفقبل البلد ، وبالدليل ان المناطق التي يمثلونها فقيرة ولم يكونوا بمستوى وعودهم للناس . لديهم امكانية في المتاجرة بالدين ، وتحويله لسلعة سهلة التداول وتحريك الشارع طائفياً وبالاخص اثناء الحملات الانتخابية، يعيشون على الازمات ولم يحققوا شيئا من وعودهم للناس. ان احزاب الاسلام السياسي طائفية عنصرية شمولية لا تنسجم مع الديمقراطية ، وتنظر للديمقراطية كوسيلة للوصول للسلطة وليس بمحتواها الاجتماعي الانساني. و تسيس الهوية الجزئية كظاهرة جديدة مرتكزة على التراكم التأريخي للهويات الثقافية الفرعية الممتد لتأريخ طويل والسعي لتحويل الهوية الفرعية الى حركة احتجاج وانقسام سياسي اجتماعي ايديولوجي، وفي نفس الوقت تعتبر حامية للفساد والمفسدين. يا ترى كم من المؤتمرات ومن مواثيق الشرف تم التوقيع عليه من قبلهم؟ أن الطامة الكبرى كون تجليات هذا الوضع وهذا الفساد وصل الى السلطة القضائية والتي تعتبر اساس كل دولة ، واصبحت تماسيح السياسة في الحكومة والبرلمان تحت مدى مرأى الناس.
أن الامور انكشفت الآن والمواطن وصل الى مرحلة يجب ان يغير واقعه. أؤكد مرة اخرى ، يغير واقعه ، لان واقعه لا يمكن اصلاحه، انه واقع فاسد ومتفسخ.
ان شعارات الاصلاح التي رفعت ساحة التحرير والمدن المنتفضة مهمة جداِ يمكن المناداة بها من اجل اصلاح جزئيات مثل الكهرباء والماء والشوارع لكنها لا تنسجم مع الواقع السياسي الحالي الذي لا يمكن اصلاحه. لا يمكن اصلاح نظام سياسي قائم على اساس طائفي عرقي انتهازي فاسد منتهي الصلاحية، لكن من المفروض تغييره تغيير جذري ونحن الآن على مفترق طرق لايمكننا محابات او مغازلة قوى السلطة، قوى السلطة متورطة في الانحدار الحالي للواقع العراقي الامني والاقتصادي والاجتماعي. لنرفع شعار نريد تغيير النظام من اجل بناء دولة مدنية عصرية على اساس المواطنة والعدالة الاجتماعية. ان النضال الذي يخوضه الشعب ضد الفساد وقوى الارهاب ان الافكار والمطالب لا تتطور من تلقاء نفسها فيجب الاعتماد على العمل والتنسيق بين القوى الوطنية الديمقراطية التقدمية لتحشيد عدد اكبر من بنات وابناء شعبنا، هناك الكثيرون منهم مازالوا مترددين في الخروج الى الشارع بسبب المخاوف والقيود والتهديدات التي وضعت والآن حان كسر هذه القيود بسواد المنتفضين، من اجل تغيير النظام.