المنبرالحر

ليس امام الحكومة سوى الاصلاح او فقدان الشرعية الشعبية! / مرتضى عبد الحميد

بعد سبات طويل نسبياً، عاشته الجماهير العراقية بسبب الضغوط المسلطة عليها، سواء في زمن الدكتاتور ام في فترة سياسيي اليانصيب التي اعقبت سقوطه، وكانت ضغوطا سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ونفسية، استطاع مبتكروها من خلال الاستمرار في ممارستها لفترات طويلة تدمير تلك المنظومة الاجتماعية والاخلاقية الرائعة، التي كانت تطرز حياة العراقيين وتجعلهم كارهين للتعصب مهما كان لونه وللكذب والنفاق السياسي، مهللين في ذات الوقت لكل محب لـ شعبه ومستعد للتضحية في سبيله.
الآن زالت الغمامة عن شعبنا وتفتحت مجددا عقول ابنائه فاستعادوا وعيهم المفقود وانتفضوا ضد الذل والكبت والحرمان وسرقة اموالهم جهارا نهاراً، ولذلك لم تعد ورقة المحاصصة والطائفية السياسية ولا التفنن بالكذب دون حياء قادرة على تزييف وعيهم والمتاجرة بآلامهم ومعاناتهم الرهيبة، فسّيروا التظاهرات المليونية مطالبين بتلبية حقوقهم ومحاسبة كل الذين يجري الفساد في دمائهم، والذين ساموهم سوء العذاب، بذريعة الطائفة والقومية والعشيرة مهملين عن قصد الهوية الوطنية ومتناسين مبدأ لاغنى عنه اسمه المواطنة.
ان هذه الهبة الجماهيرية الباسلة والشعارات المدنية والديمقراطية التي رفعت فيها، تدلل بشكل لا يقبل التأويل على مدى النضج السياسي والسعي لبلورة هوية وطنية جامعة لدى شبيبتنا ونسائنا وكل المكتوين بجحيم المرتشين الفاشلين القادرين على فعل كل شيء، إلا الخير لوطنهم وشعبهم.
وكان موقف المرجعية المتميز، وتشخيصاتها الدقيقة وتأكيدها على عملية الاصلاح وضرورتها، وتجاوب الحكومة العراقية بشخص السيد العبادي، قد اعادتا الامل لملايين العراقيين، بأن هذا الطريق ولا طريق غيره هو القادر على احياء العملية السياسية وانتشال العراق شعبا ووطنا من الهاوية التي سقط فيها. وهذا ما تعيه الجماهير الشعبية الغفيرة وهو يدفعها بقوة وحماس لافتين للاستمرار في حراكها الجماهيري وتظاهراتها السلمية وشعاراتها المدنية ومطالبتها بالعدالة الاجتماعية.
ان حُزم الاصلاح السياسي والاداري التي قدمها العبادي والبرلمان تعد خطوة اولى في طريق طويل يجب الاستمرار فيه وعدم التوقف في منتصفه او في جزء منه. والاهم من ذلك كله تحويل الاصلاحات المعلنة الى وقائع ملموسة على الارض وعدم الاكتفاء باجراءات محدودة كما جرى لحد الآن. فضلا عن اهمية تفعيل الرقابة الشعبية، واشراك القوى المخلصة للديمقراطية والوطنية الحقة في تنفيذها وليس قصرها على الرسميين واحزاب السلطة فقط، وهم في غالبيتهم كانوا ومازالوا السبب الرئيس في نشر هذه الازمة الخانقة والمحنة التي يعيشها شعبنا.
حذار من المراهنة على الوقت كما فعل الحكام السابقون، وحذار من المماطلة والتسويف ومن التفكير بان شعور اللاجدوى وخيبة الامل ستعاود الظهور على شاشات عقول المتظاهرين والمنتفضين.
بهذا الزخم الشعبي الكبير والدعم اللامحدود لرئيس الوزراء وبتلبية مطالب المتظاهرين تكتسب الحكومة والبرلمان الشرعية والوطنية والقانونية، فلا تفرطوا بها لأن التصرف خلاف ذلك لن يؤدي الا الى اضافة حكومة فاشلة الى الحكومات التي سبقتها.