المنبرالحر

كسر العظم / قيس قاسم العجرش

توقفنا عند هذه اللحظة المهمة. القوى التي أفسدت لن تقف وتتفرج ببراءة لترى نفسها وهي تخسر كل ما جنتهُ، بجرّة قلم وصيحاتٍ في تظاهرة.
لذا سرعان ما اتخذت كل هو ما متاحٍ لها من تسلّح وتدريع واتقاء للمخاطر التي تهدد وجودها. لنتذكر ان هذه القوى ليست اشباحاً، ولم تكن كذلك في أي مرحلة من مراحل نموها. لذا فهي قادرة على استخدام كل مواردها في سبيل البقاء( و جوّ الفساد جزء من بقائها الطبيعي).
في المقابل، تخبرنا هذه اللحظة ان الحكومة ورئيس الوزراء( وهما جبهة تنفيذ الاصلاح المُفترضة) لن يقدما على الاصلاح إلا بوجود حثٍّ جماهيري مستمرٍ ومتصاعدٍ، وضغط واضحٍ من المرجعية الدينية لصالح المطالب الجماهيرية.
يعني ان الاشياء لن تتحرك أو تتغير من ذاتها أبداً، لا الاصلاح سيبدأ ذاتياً ولا التغيير سيعطي نتائجه، ولن يحدث بالأصل من تلقاء نفسه.
لن يحدث التغيير والاصلاح، ليس لأن الحكومة برئيس وزرائها غير راغبين في إحداثه، انما لأن الاصلاح هو في جوهره» معركة» ناعمة قد تتفاقم في اي لحظة، ولا يرغب أي مصلحٍ في البدء بها مالم يتأكد أولاً من استناده الى معينٍ متواصلٍ من الدعم والإمداد فيها. هذا الدعم هو عينه الضغط الذي تسلطه الجماهير والمرجعية في دعمها لمطاليبهم.
لكن حتى هذه الجدولة للأحداث يمكن ان تخترقها القوى المستفيدة من الفساد. اننا لا نتحدث هنا عن نظامٍ محكمٍ للمطالبة والاستجابة، انما هي تظاهرات عفوية في معظمها وتفتقر للتنظيم اكثر من اي شيء آخر.
بل انها تفتقر الى تحديد الهدف والمطلب، لأنها فعلاً عفوية وتعبّر عن ارادة جماهيرٍ تم التلاعب بها وباحتياجاتها لوقت طويل وبشتى السبل.
اذن، والحال هذا، فلا مناصَ أن تصل الأمور الى مرحلة كسر عظم واضح. لن يبقى رئيس الوزراء يتصرّف بنعومة مع مفاصل الفساد كي يتقي اثارة غبار من يقف وراءها من القوى المُفسدة. ولن تقف الناس للفرجة على الاصلاح وهو يخسر زخمه الأول، بل ان المطالب ستتصاعد من اجل رؤية اجراءاتٍ واقعية وعميقة.
هذه النقطة لن يُقدم عليها رئيس الوزراء مالم يستوثق تماماً من وجود سندٍ له، سواء كان سنداً قانونياً أو شعبياً.
باختصار، حين تتكسر عظام الفساد، علينا ان نتوقع رفساتٍ قوية ومؤلمة من المفسدين.
وليس غير الحراك الشعبي المتعاظم ما يمكن أن يشلَّ المفسدين ويعطل رفسهم.