المنبرالحر

حكومة العراق خارج اطار القواعد والاصول / سامي سلطان

دول العالم، التي تعتمد مبدأ التبادل السلمي للسلطة، عبر صناديق الانتخابات، حيث تتوفر فرصة إدارة دفة الحكم، وفق رؤيه سياسية اقتصادية، يسارية كانت أم يمينية، تاخذ بنظر الاعتبار حاجات ومتطلبات أبناء البلد على السواء، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، من أجل الحصول على الدعم الشعبي ، ولأجل تسيير عجلة إدارة البلاد خلال أربع سنوات، وهي الفترة المقررة لكل دورة انتخابية وفق معظم الدساتير الديمقراطية في العالم، حيث تعمل على كسب القواعد التي أعطت صوتها للقوى السياسية المنافسة، الى جانب تعزيز الثقة لدى القواعد التي منحتها صوتها، اما إذا أهملت جانبا من هذه الجوانب أو أخلت في التزاماتها التي قطعتها عليها، وتنكرت لبرنامجها الانتخابي، فهي بذلك اخلت بناخبيها وخذلتهم، ومنحت الحجة القوية للقوى المعارضة، في ان تستثمر ذلك من أجل مواصلة عملها في سبيل جذب قواعد جديدة إلى جانبها لإزاحة القوى السياسية القابضة على السلطة، بالاعتماد على أجواء عدم الثقة التي أخذت تتنامى في صفوف قواعد الخصم، التي بدأت تقترب تدريجيا، من الذين لم يمنحونها اصواتهم .
وهكذا تتوحد الرؤى، وتتصاعد عوامل الضغط عن طريق تهيئة الرأي العام الذي تساعد على نموه عوامل كثيرة، من أهمها تهميش المواطنين على مختلف مشاربهم، من خلال الاستئثار بالسلطة وإشاعة روح الفساد المالي والإداري مما يؤدي إلى تخلف البلاد على جميع المستويات، وازدياد حالة الفقر وارتفاع مستوى البطالة وانعدام الخدمات الاجتماعية وفقدان الأمن، التي تصل بالنتيجة ألى خراب كامل للبنية التحتية للبلد، وهنا لا يجري الحديث عن حزبين متقابلين يتبادلان المواقع على السلطة، وان صح ذلك في بعض البلدان مثل امريكا وبريطانيا، بل نتحدث عن المبادئ العامة، التي تتحكم بمعايير العمل السياسي، الذي يضع السلطة في سلم أولوياته، سواء كانت كتلة مؤلفة من مجموعة أحزاب وجماعات، وسواها، فلا فرق في هذا.
حين تصل القوى السياسية الحاكمة إلى طريق مسدود، نتيجة تصرفاتها الخاطئة، من خلال استئثارها بالسلطة، وسوء ادارتها للبلاد، ونتيجة لتصاعد حالات الانتقاد، وتصاعد حالة الغضب والاحتجاج، تلجأ الحكومة المعنية إلى اتخاذ قرار، بحل نفسها لأن من إنتخبها رفع الغطاء الشرعي عنها، من خلال احتجاجه على تصرفاتها الخاطئة وتنكرها لكل ما وعدت به، وبهذا تتجنب الاحتقان الشعبي وتتلافى خطر ضياع ناخبيها، فتسارع إلى الاعتذارلهم، وتترك الأمر لقرار الشعب الذي كان وراء وصولها إلى دفة الحكم، املا في اعادة النظر بنهجها وتقييم موقفها، لتدخل حلبة المنافسة من جديد في الدورة الانتخابية القادمة.
ان هذه التقاليد التي سارت وتسير عليها الدول التي تحترم شعوبها والتي تعمل وفق قوانين ملزمة للجميع، يبدو أنها غائبة عن أذهان السياسين العراقيين،الذين يدعون أنهم جاؤوا عبر الانتخابات وانهم منحوا من الأصوات ما مكنهم من أن يصلوا إلى السلطة، لنتفق على هذا، إذا أليس من الواجب، احترام السواد الأعظم من أبناء الشعب الذي رفع صوته عاليا في مظاهرات حاشدة في محافظات الوسط والجنوب والتي شملت كل المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة، بمعنى آخر كل المحافظات التي خدعت بشعارات مزيفة، اوهمتموها بأنكم سترفعون الحيف عنهم، فإذا بهم صاروا وقودا لنار فتنتكم الطائفية وخدعتموها، باسم الدين، وإذا بكم تزدادون غنى، وهو يزداد فقرا وتخلف، ها هو الشعب يقول لكم كفاكم فإنكم فاسدون، احترموا إرادة الشعب لأنه هو وحده مصدر السلطات، أليس هذا مثبتا في الدستور، الذي تتشبثون به، ليل نهار، إذا أخضعوا له و لقواعد اللعبة الديمقراطية، أن كنتم تؤمنون بها!!، أبسط ما عليكم فعله هو الاستقالة من مناصبكم، التفتوا إلى من حولكم، ألم تسمعون بما يجري في العالم اليوم من حولكم، كم من رئيس وزراء يقدم استقالته لفشله في تأدية مهامه، كم من حكومة في العالم تستقيل لانها كانت سبب أزمة ما، كي تتيح المجال إلى حكومة اخرى للخروج من الأزمة، أما يكفي إيغالا في الصلف، والاستهزاء بإرادة الشعب.