المنبرالحر

ألاَمْوَاجٌ الهَادِرَة !/ يوسف ابو الفوز

هذا الاسبوع كان صديقي الصدوق أَبُو سُكينة مشغولا مع قضيتين أساسيتين. الاولى : أخبار آلاف المهاجرين من العراق وسوريا، الذين أبتلعتهم أمواج البحار أو قتلوا بطريقة ما عند سواحل وأراض بلدان الإتحاد الأوربي، من بين الآلاف الهاربة بحثا عن سقف آمن بسبب أحداث العنف التي تشهدها المنطقة. والثانية: تطورات التظاهرات في مختلف المدن العراقية وخصوصا في «ساحة التحرير» والمطالبة بالاصلاح . فكثرت زياراتي لأبي سُكينة حسب طلبه، لاقرأ له الاخبار والمتابعات التي تحملها مختلف الصحف التي اجلبها خصيصا له في كل مرة . كان جَلِيل مهت?ا بالنقاش حول نتائج الحراك الشعبي، وكونه نجح في قض مضجع السياسين، الذين استثمروا نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، مما أتاح لدائرة الفساد ان تتوسع، وليتفنن الفاسدون في سرقة ثروات الشعب وتهريب ملايين الدولارات خارج العراق. كان جَلِيل قلقاً يفكر بالسبل الكفيلة بادامة زخم التظاهرات، فهو يعتقد ان أي تراخ سيسمح لسياسيي الصدفة بالالتفاف على الاصلاحات التي نادى بها رئيس الوزراء والتي لم تزل بانتظار القوانين والاجراءات التي تسمح بتنفيذها .
سألني جَلِيل : هل تعتقد ان الحراك الشعبي سيترك الفرصة لبعض القوى ان تسرق نتائج جهد ابناء الشعب فيركب هؤلاء موجة الاحتجاجات ليسجلوها بأسمهم ويفرغوا عملية الاحتجاج من اهدافها المشروعة ؟
كنت تعبا وجائعا، وكانت أم سُكينة قد مدت مائدة الطعام أمامنا، ورغم النظرات الاحتجاجية من زوجتي إلا أني مددت يدي قبل الجميع الى الطعام، وصحت بجَلِيل: دع السياسة جانبا، الآن أجسادنا بحاجة للطاقة، تفضلوا .. هيا .. أنتظركم حتى نبدأ الاكل !
كنت أتكلم والطعام ملء فمي، فضحك أَبُو سُكينة بصوت عال :
ــ هذا ليس من طبعك يا صاحبي، تريد تلعب علينا، أكملت رغيف خبز كامل وتقول تنتظرنا، اليوم صاير مثل بعض سياسيينا ، يتكلمون شكل وفعلهم شكل أخر. ينتقدون أوربا ويتهموها بسرقة طاقات شباب الوطن لانها فتحت ابواب الهجرة لهم، وكأنهم وفروا لشبابنا كل ما يحتاجون من الأمان وفرص العمل ! وعلى هذا الأساس فان المتظاهرين، في كل مكان من العراق، بالنسبة لهم ما هم الا مجاميع بطرانة، لان حسب كلامهم ، فان كل شيء متوفر ... فرص عمل وأجور مجزية وخدمات وضمان اجتماعي ومساواة بالحقوق وآمان ، والذي يقهرك أكثر، ان هذا سياسي الصدفة الذي بق?رة سحرية صار يريد الاصلاح وضد الفساد ... النصيحة له ان يتعلم السباحة جيدا لأن الأمواج الهادرة لا ترحم، وقد غرق في بحار أوربا الكثير من شباب العراق وهم في طريقهم للخلاص من واقع بائس. وهذا السياسي يريد ان يناور ويركب امواج أحتجاجات الشعب الهادرة ويظن انه بسهولة سينجو ليحمي أرصدته في الخارج !