المنبرالحر

الشعب لا يوبَّخ يا رئيس الوزراء / قاسم السنجري

ليس في نيّة أحد من المتظاهرين التضييق على رئيس مجلس الوزراء أو وضع العراقيل أمامه لإنجاز الإصلاحات الحكومية. كما لا يمكن أن تكون هناك استهانة بأية نوايا اصلاحية حقيقية. غير أن هناك مشكلة اصطلاحية اذا كان التوصيف دقيقاً. فمطالب المتظاهرين وخطة السيد العبادي لا يلتقيان إلاّ في مصطلح الإصلاح، والسيد العبادي الذي ادرك أنه لا يمكنه المضي برهط الحكومة الكبير، ومراكز القوى المتمثلة بالرؤوس المتنفذة فيها، وجد أن العمل بحكومة صغيرة ورشيقة قد يسهم في أداء افضل للحكومة التي تواجه مشاكل اقتصادية بسبب انخفاض اسعار النف? في السوق العالمية. وهذا ما ذكره السيد العبادي في مقال نشره في إحدى الصحف الامريكية ولم تتم ترجمته ونشره ليطلع عليه الشعب العراقي ويفهم توجه العبادي وطريقة إداراته للأزمة.
إن إجراءات السيد العبادي برغم أنها خطوات جيدة، غير أنها لا تلتقي مع أهم مطالب المتظاهرين الداعية إلى تخليص الدولة ومؤسساتها من الفساد وضرب المفسدين واستعادة الأموال المنهوبة. وهذا كله لا يتم إلا بإصلاح القضاء وإزاحة من تورط في إخفاء ملفات الفساد الكبيرة وأسهم في تسييس القضاء. ولكن أيٍّاً من هذه المطالب لم يتحقق وحتى أن السيد العبادي خفف لهجة خطابه واخذ يتحاشى ذكر «استعادة الاموال المنهوبة». لكن هذا لا يعدّ التزاماً تراجع عنه رئيس الوزراء، لأن العبادي منشغل بورقته الإصلاحية الخاصة به وليس منشغلاً بتحقيق مطا?ب المتظاهرين. وكل ما في الأمر أن مقترحات العبادي الاصلاحية التي قدمها للشركاء التقت مع مطالب المتظاهرين بالتسمية فقط ألا وهي مفردة الإصلاح.
أن المتظاهرين غير معنيين بدمج وزارتين واعفاء وكلاء وزارات وإحالة مدراء عامين الى التقاعد. فهذه لم تندرج ضمن مطالبهم الواضحة. كذلك لم يكن فتح المنطقة الخضراء من أولوياتهم، لهذا يثير الاستغراب، أن تصدر تصريحات شديدة اللهجة من مكتب العبادي تطالب بعدم الاستهانة بالإصلاحات التي يجريها رئيس الوزراء! في حين أنه يقوم بتنفيذ برنامجه الخاص وليس برنامج المتظاهرين. ويذكر مكتب العبادي إن الإصلاحات تتطلب وقتاً لتنفيذها. في حين رئيس الوزراء لم يستجب لمطلب واحد من مطالب المتظاهرين ويحق لنا أن نسأل: لماذا يطلب منهم الصبر ل?نفيذ ما لم يستجب له؟!
إن السيد العبادي يتصور أن التظاهرات الاسبوعية هي لتأييد برنامجه الإصلاحي، في حين عليه أن يدرك أن التظاهرات سبقت تقديمه لحزمة الاصلاحات الإولى التي كانت معدّة سلفاً، وكانت خارج إطار استجابة الحكومة للمطالب الشعبية، فيما شعرت الحكومة بالعجز عن التحرك بهذا الطاقم المترهل.
إن التظاهرات مستمرة إلى أن يتم الاصغاء إلى المطالب التي تصدح بها حناجر المتظاهرين كل يوم جمعة من كل أسبوع، وعلى السيد رئيس الوزراء أن يصغي الى هذه الاصوات ويتعاطى معها بإيجابية، بعيدا عن التعالي واصدار البيانات ذات النبرة الموبخة. فالشعب لا يوبّخ يا رئيس الوزراء، ولا يكلّم عبر وسطاء. اخرج بنفسك واسمع الناس وتحدث إليهم وكفى تردداً وتهرباً.