المنبرالحر

فساد الحكومة الحالية يجب ان لا يكون طلاء لوجه صدام حسين / عادل كنيهر حافظ

يبدو ان ثنائية تعريف الأشياء ، شائعة ليس عندنا نحن العراقيين وإنما عند الكثير وربما كل الشعوب العربية والإسلامية . حيث يجري تمجيد او اطراء الاشخاص او الأشياء اوالظواهر ، لا من خلال عناصرها ومواصفاتها الذاتية وحسب ، وإنما بالمقارنة ، مع وصيف سيّء او جيد. وترى احدهم مثلا يتحدث للآخرين ، عن الصفات الحسنة لولده ، ويختم مديحه ، بالقول ( ابني مو مثل فلان جيرانا طايح .. ) وتسأله لماذا بخست قدر جيرانكم ؟ ليس لديه جواب ، لانه وغيره درجوا على هذا التوصيف للامور ، او يقول لك سيارتي فورد الكور مالها حديد ستيل وتصعد فيها الحرارة و... ... ويختم حديثه بالقول بس احسن من المسكوفج الروسية !! وتقول له اذا لم يستورد العراق سيارة موسكوفيج الروسية ، هل ستهبط الحرارة في سيارة الفورد الامريكية ؟ ٠
وهذه الثنائية تكون بألغة الضرر عندما تدخل مجال السياسة ، وتجري عملية التقييم على أساس المفاضلة ، وأحيانا يأخذ المرء العجب ، عندما يأتيك احد من المتثاقفين ويتحدث بما يشبه الفتوى ، مثل ( رحم الله صدام حسين جان احسن من هذوله الحرامية ) وتسأله عن الذي كان السبب الرئيس في مجيء هؤلاء السراق ؟ تلقاه يصمت صمت الدوارس ، ها نحن الى الان نتقلب على لظى النيران التي شب اوارها ، ذاك المقبور ، الذي يدعى صدام حسين ، حيث عبث بالطبيعة والمجتمع والعقل البشري العراقي ، وظل يطرق على ظهر الشعب العراقي ، حتى أوصله الى الحد الذي لا يأبه معه باحتلال وطنه ، وهو الشعب المعروف بوطنيته ، التي تشهد له فيها ثورة ١٤ تموز المجيدة ، الثورة الوطنية التي تضافرت فيها جهود الجيش والشعب، لتنقل العراق من مستعمرة بريطانية ، الى جمهورية مستقبله وذات سيادة .
ذنوب صدام ما برحت تتناسل ،وتزمن فينا ضيم وهظيمة وحرمان ، فأي رحمة تنزل على رجل ، دمر العباد وخرب البلاد، وفقد آلاف الشباب العراقيين ارواحهم ،بسبب سياسته الهوجاء ،
والأنكى من ذلك ، ان تستخدم هذه الثنائية ، في المقارنة والمفاضلة بين حكومة الثورة التي قادها وتزعمها المرحوم الشهيد عبد الكريم قاسم ، وحكومة المستعمرة البريطانية وملوكها ورئيس وزرائها نوري سعيد ، ويعتبر الاستاذ مصطفى الكردي، ان بقاء الملوك ونوري السعيد ،هو افضل من انقلاب العساكر ، ويستنكر السيد مصطفى وجود شي اسمه تحرير حتى انه لا يحبذ وجود نصب الحرية ، ويسميه نصب اللاحرية !! ، أعاذ الله الشعب الكردي البطل ،والمتواضع من هذا المصطفى ،الذي ينزع الذكاء من ابناءالعراق العرب والأكراد ، ولا احد يستطيع ان يفهم كيف توصل هؤلاء لهذا الفهم لحركة المجتمع ، والتي هي اكثر حركات المادة تبدل وتغيرودينامكية ، الثورات لا تقوم بارادة شخص او مجموعة ، وإنما هي رهن بالظروف الموضوعية والذاتية التي تقرر ولادة الثورة والتغيير ، حيث تصل أزمة البلاد والأمور عموما الى استحالة الاستمرار بنفس طريقة الحكم ، عندها تأتي الثورة كضرورة استدعتها موجبات حل الأزمة و كاستحقاق لبداية نظام جديد وطريقة حكم جديدة ، ولكن الانقلاب العسكري على حكومة الثورة الشعبية ، يمكن نعته بما نشاء من ألقاب السياسة السيئة ، مثل انقلاب البعث على حكومة الثورة الشعبية في العراق ، بعد تحالفه مع الإقطاع وبعض رجال الدين المتنفذين والمخابرات الأجنبية ، المهم بالأمر ان نتجنب تصوير حركة المجتمع المعقدة ، وكانها حافلة لنقل الركاب نوجهها كما نشاء ، ثم نتبرم في الحديث ونفاضل بين المحطات ...... ولم نفهم ان حركة المجتمع منذ نشوئه هي دائمة التطور الى الأرقى رغم وجود بعض الردات في هذه الحقبة الزمنية او تلك لكن المسار العام هو الأرقى والأفضل حيث تتراكم المعارف وتتناسل الخبرة الاجتماعية وتتبادلها الشعوب والامم ، وليس هناك من ثبات لا في الطبيعة ولا في المجتمع ولا في العقل البشري ، الكل في حركة وتطور، بمقتضيات قانون تراكم الأشياء الكمي الذي يؤدي الى تحول نوعي ، حيث يولد الجديد من رحم القديم المنقرض وفق قانون نقض النقيض ، والعالم يتطور في وحدة وصراع عناصره المكونة لوجوده حسب قانون تداخل المتناقضات ، وهكذا العالم يتطور عموما وفقا لقوانين حركة المادة ، دونما الحاجة الى الروح الكونية .
نعم لا احد يجادل في كون الحكومة الحالية غارقة في الفساد،من رأسها حتى قدمها ، وأتعس ما في الحكومة الحالية هو ان قيادتها متورطة بالفساد وسرقة المال العام ، لذلك من الصعوبة بمكان ان تحارب الفساد ، اذا كان الحاكم سارق ،لا يستطيع محاسبة السراق الآخرين ، نعم هذا واقع حال الحكومة الحالية ، ولكن ان نجعل من موبقاتها مكياجا لوجه صدام حسين ، هو أمرا مغلوط وغير مفيد اللهم الا لأيتام المقبور صدام ، وحلفائهم الدواعش.