المنبرالحر

ونطقت نقابة الأطباء..! / د. سلام يوسف

عشرات بل مئات المرات تم الاعتداء على الأطباء، والنقابة لزمت الصمت، عشرات بل مئات الأطباء الذين اختطفوا، وآلاف الأطباء هاجروا خارج البلد، والنقابة لازمت الصمت، أما الفساد المستشري في كل المرافق الصحية فهو القصة التي تبدأ ولا تنتهي، ناهيك عن بقاء النقابة في موضع المتفرج مما يحصل من انفلات في أسعار الكشفيات والطرائق العديدة الملتوية في الالتفاف على ما تحمله جيوب المواطنين من نقود.
هذه وغيرها هي هموم كان الأولى أن تتحدث بها نقابة الأطباء قبل غيرها، كونها تمثل شريحة ذات مواصفات خاصة من بين شرائح المجتمع، إضافة الى كونها تُدار من قبل أطباء يحملون الصفتين، الصفة المهنية والصفة الوطنية في أدارة حقوق وواجبات الأطباء.
ومن جانبٍ أخر، يأتيك التصريح الصادر عن النقابة وملخصه، "هناك (بعض) حالات تعامل الطبيب مع الصيدلية وحصر العلاج منها للمريض"، ثم تقول النقابة، أن هذه الحالات "نادرة".
هل فعلاً يا نقابة الأطباء أن التعاملات بين أطباء وبين صيدليات هي (بعض أو نادرة) ؟!
آلاف المرضى يتحدثون بهذا الموضوع، وهل الـ (الآلاف) في حسابات النقابة تطلق عليهم صفة الـ (بعض)، أو (نادرة)؟ لا نعتقد أن هذا الكلام دقيقاً خصوصاً في الشوارع الطبية "التجارية".
وفي تصريح النقابة الى "المدى بريس"، قالت أنها ترفض وجود كلية طب أهلية، ورغم أهمية هذا التوجه كون الدراسة في كليات الطب تختلف تماماً عن الدراسة في أي كلية أخرى وأنها خاضعة وتتحكم فيها المنظومة التجارية التي تعج بالبلد وفق مصالح المستثمرين، بل إن المتخرجين في هذه الكليات سيتعاملون مع صحة الإنسان وصحة المجتمع، فكيف لهم أن يؤدوا ذلك دون اكتساب العلم الدقيق والخبرة الصحيحة على أيدي أساتذة لا تتحكم فيهم الأموال؟ ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف تتعامل النقابة مع أطباء تخرجوا في كليات أهلية أجنبية؟
ثم نطقت النقابة وتدعو الى التغيير "للقضاء على الفساد"، نعم وهذا توجه أخر جيد ونرحب به، ولكن لن تشر النقابة الى الكيفية في تنفيذ هذا التغيير، فالقِطاع الصحي يعاني من الفساد الإداري والمالي، ومن التخلف عن الركب العالمي في مجال الطبابة، بل هناك جزر كبير في مقدار الخدمات التي تقدمها الدولة الى المواطنين إبتداءً من قلة المستشفيات والكوادر وانتهاءً بطبيعة الخدمات في المستشفيات والمراكز الصحية، والنقابة بينما هي تدعو الى التغيير، فأين حضور النقابة في الحراك الجماهيري الجاري في البلاد؟
إن الوضع السيئ الذي ينتاب القِطاع الصحي وهو أيضاً جزء من الأوضاع المتردية التي تمتاز بها كل القِطاعات، إنما يحتاج الى الإصلاح الذي يتطلب الشفافية والثقة المطلقة بالتغيير والى المصلحين الغيورين على الوطن والشعب، ووفق المنهج العلمي المدروس لأجراء الإصلاح بتظافر الجهود كافة وإشراك الناس في عملية التغيير ابتداءً بالرقابة الشعبية.
أما دعوة النقابة الى "منع الاعتداءات والتهديدات للأطباء"، فأن الحد من هذه الظاهرة لا يتم بالتمنيات أو الدعوات، وإنما هذه الظاهرة هي أحد سمات المجتمع الذي انفلتت فيه الضوابط والقيم وفقدان القوانين وضياع المحددات، وهي نتيجة كباقي النتائج التي آلت اليها بذرة المحاصصة الطائفية والأثينية المقيتة.