المنبرالحر

هل هو تلكؤ في عدم إيجاد حل للمشاكل مع الإقليم أم ماذا ؟ / مصطفى محمد غريب

لا نريد الخوض في التفاصيل التي قد تكون مملة في ما آلت إليه الأوضاع وما هي الأسباب الرئيسية لأننا لم نترك سانحة إلا وتطرقنا إليها وغيرنا من الحريصين على البلاد لا من خلال طرح الأسئلة والتفسيرات فحسب بل بما طرح من حلول واستنتاج للآفاق السياسية ، إلا أن البعض من هذه الأوضاع بقي يثير التساؤل والاستفسار وحتى الاستغراب ومنها عدم حل المشاكل مع الإقليم والكرد الذي أصبح شبه عائق أمام تحقيق التعاون والتقدم وعثرة تشجع الفرقة والابتعاد عن التلاحم والوحدة الوطنية، نحن نعرف جيداً أهمية الاستقرار في إقليم كردستان العراق وانعكاسه على استقرار البلاد وتقدمها وزيادة اللحمة الوطنية والوقوف بالضد ممن يريد الأذى للإقليم وفي الدرجة نفسها للعراق ككل، وهؤلاء نعرفهم جيداً فلهم تاريخ طويل في زرع الفتنة والشقاق وإشعال الحروب وعدم الاستقرار، وبعد أن اعتقد البعض أن أعداء الشعب العراقي من شوفينيين ورجعيين ولوا الأدبار بعد 2003 لكن في الحقيقة ظهر أحفادهم الجدد بوجوه جديدة وبطريقة وأسلوب جديدين أيضاً لكن الجوهر بقي على حاله لم يتغير، واستطاع البعض منهم أن يتقلد مناصب ومراكز ومسؤوليات يمكنه من إثارة النعرات وخلق العثرات كما كان في السابق لا بل أكثر سوءا مما كانت عليه الأوضاع.
استغربت لتصريح احد المسؤولين من التحالف الوطني وبالذات ائتلاف دولة القانون وهو يتقول حول أسباب الخلافات والمشاكل في العراق باتهام الكرد والإقليم وخص الكثير من الاتهامات ضد الشعب الكردي الذي يكرر قوله في كل مناسبة بما معناه "أن الكرد وحكومة الإقليم هم ليس جزء من المشكلة بل المشكلة نفسها " ولم يكتف الرجل بل وضع نفسه ناصحاً ومطالباً إلى الانفصال عن العراق، وشدد على قوله انه سيكون أول المؤيدين له ولإقامة الدولة الكردية وهذا لا يعني انه ينطلق من مفهوم حق تقرير المصير بل هدفه معروف!، ثم يذهب للاستنتاج حسب قوله " للتخلص من المشاكل وعدم دفع حصة الإقليم 17% ستكون أول فائدة لما سماه العراق الجديد" وعند ذلك " سنحدد نوع العلاقة" هذا المرء ليس الوحيد الذي يصرح ويطالب بل هناك مثلما أسلفنا من يحمل الأفكار نفسها لكنه يختبئ بيافطات دينية وقومية وحتى وطنية وقد تسنى لنا ليس الإطلاع على البعض منها ومن الذين صرحوا وأعلنوا ليس تأييدهم للفكرة فحسب بل راح البعض يدعي، إن انفصال الكرد والإقليم حالاً بدون الانتظار سوف يعيد الاستقرار ويرفع عن كاهله الأضرار الناجمة من بقاء الكرد والإقليم ضمن وحدة البلاد الاتحادية...
لقد فكرنا ومازلنا نفكر ونتساءل عن إي عراق موحد يتحدث هؤلاء ؟ ـــ وماذا تعني لهم وحسب الدستور الدولة الاتحادية؟ وهل سيبقى ما تبقى موحداً؟ لان المشكلة في العراق التي نراها ليست هي مشكلة واحدة مع الكرد والإقليم كي نتخلص من الكرد بجرة قلم ونتخلص من وجع الرأس الذي يسببه الشعب الكردي أو ما سببه حسب ادعاء هؤلاء في السابق!! هؤلاء يتناسون عن عمد وسبق الإصرار ما لحق بالكرد من مصائب وكوارث بما فيها الكيماوي ومأساة الأنفال وحلبجة خير شاهد ودليل، وهم لا يخفون اتهامهم الشوفيني بأن كل ذلك سببه الكرد مثلما هو الحال الآن!!
نحن نتفق بأن المشاكل عديدة ومتنوعة وبعضها اخطر من المشكلة ما بين الحكومة الاتحادية وبين حكومة الإقليم وباعتقادنا إذا سرنا خلف هؤلاء وهذا طبعاً من سابع المستحيلات فلن يبقى شيء اسمه " العراق " بل أطلال من الهياكل وحدود تعزل ليس العشيرة بل العائلات الموزعة على كل العراق تقريباً وغير ذلك من التقسيمات والنزاعات وعلى ما يظهر أن الأمر له نية مبطنه بان يقسم الباقي من الأطلال على أسس طائفية وينفذ مخطط ضم الجنوب والبعض من الوسط إلى إيران للحماية على الأقل من الدول العربية ذات التوجه المذهبي المغاير لإيران أو حلفائها، والقسم الثاني سوف يقسم حسب أهواء البعض الذين سيقاتلون من اجل تفكيكه للارتماء في حضن الدول المحاذية للحماية من إيران، ويبقى الإقليم لوحده لقمه سائغة لدول الجوار وغيرهم، وعند ذلك سيكون العراق كما المثل " شذر مذر " وهذا ما يفرح من يتربص لبعثرة البلاد إلى أجزاء كي يتحكم بمصيره بشكل فردي أو جماعي بتخريج تمثيليات هزيلة عن المصلحة والفائدة والاستقرار والمستقبل!.
إن القوى السياسية المتنفذة التي توالت على السلطة بعد عام 2003 لم تفقه مسؤوليتها تجاه الوحدة الوطنية ولا مشروعية المواطنة العراقية وتوجهت نحو الطائفية مغرورة بالأكثرية أو الحق التاريخي أو الادعاء بالتفويض الديني الطائفي وطرح شعارات غريبة على الواقع والعلاقة التاريخية مثل " جماعة الحسين وجماعة يزيد" مما أدى إلى تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وانجر التفاقم إلى أسوأ درجاته بالنشاط الإرهابي المحموم والكم الهائل من التفجيرات حتى العشوائية والاغتيالات السياسية والتطاحن غير المسبوق من قبل القوى الطائفية المسلحة والكتل التي تمتلك أجنحة مسلحة طائفية، وبما أن الفوضى قد سادت إدارة وزارة نوري المالكي فقد تصاعدت حدة الصراعات وانفجرت تماماً بالاعتداء المسلح على المظاهرات والاعتصامات وتسليم الموصل لداعش والإرهاب ومواقع أخرى آخرها الرمادي في عهد حيدر العبادي ثم تقوية عود الميليشيات الطائفية عدة وعدداً لتصبح قوة تضاهي أو أكثر من قوة الجيش والشرطة، وقد توسعت المشاكل بما فيها المشكلة المستمرة مع الإقليم التي تخص أولاً: تطبيق المادة 140 من الدستور الدائم والمناطق المختلف عليها ثانياً: نسبة الإقليم من الموازنة العامة، ثالثاً: استخراج وتصدير النفط للعلم هناك البعض من القضايا الإدارية والقانونية والسياسية وهذه لا بل جميعها ممكن الاتفاق عليها أو إيجاد حلول منصفة للأطراف بما فيها المكونات العربية والتركمانية والكلدواشورية وغيرهم وبالتالي حلها أو الاتفاق على الحلول الموضوعية التي تساعد العراق على التوجه للخلاص من داعش والإرهاب وفرض القانون حول حمل السلاح بالنسبة للميليشيات الطائفية المسلحة، هذه المشكلة أمامها مشكلة أخرى مع شديد الأسف في الإقليم نفسه بين الأطراف والأحزاب السياسية الرئيسية حول تجديد رئاسة السيد مسعود البرزاني لمدة سنتين والتوجه لحل مشاكل الإقليم الداخلية وهي مشكلة حقيقية قد تكون خطرة ليس على الإقليم واستقراره ووحدته فقط بل على العراق أيضاً في ظروف شديدة الحساسية منها الحرب مع داعش وقضية الرواتب التي تمس حياة ملايين الكرد وقضية النفط ومشاكل تخص الديمقراطية وترتيب الوضع السياسي والانفتاح على الرأي الآخر بدون أي تدخل أو إكراه والتوجه إلى توحيد الإقليم وتوحيد مؤسساته بما فيها المؤسسات الأمنية وتنفيذ مطالب الجماهير المشروعة ونبذ العنف والعنف المضاد وعمليات التخريب في الإقليم وغيرها من الأمور السياسية والقانونية والإدارية وهذا ما يساعد للتوجه إلى حل أكثرية المشاكل المتعلقة ما بين الحكومة الحالية وحكومة الإقليم.
إن التوجه الجاد لحل المشاكل المتعلقة منذ وزارة نوري المالكي وما قبله تحتاج إلى قاعدة وطنية لمصلحة العراق، هذه المشاكل التي تعمقت بسبب عناد نوري المالكي وتصوره بأحقية الحكم دون غيره ودون فكره الطائفي كان المفروض أن تبتعد عن قاعدة "غالب لا مغلوب" وان تكون على قاعدة متينة لمصلحة البلاد ومصلحة الشعب بجميع مكوناته، ولهذا على رئيس الوزراء حيدر العبادي أن يعجل في عقد اجتماع مع الإقليم ولا يكتفي بالاتصالات التلفونية على الرغم من أنها خطوة ايجابية مثلما أعلنها بيان صادر من مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي ونشر في 11/10/2015 أن " رئيس الوزراء ناقش أيضاً الأوضاع التي يشهدها إقليم كردستان والتظاهرات فيها والتعامل مع المتظاهرين ، إضافة إلى العلاقة بين المركز والإقليم ، وحل الإشكالات والقضايا العالقة عن طريق الدستور والقانون والحوار " ولهذا نرى أن العمل الجاد والسريع لإنهاء الخلافات مع الإقليم لتامين ظهير مأمون في وقت الشدائد مثلما رأينا في الحرب ضد داعش ثم التوجه إلى قضايا مهمة مثل المصالحة الوطنية ومحاربة الفساد وإنهاء المحاصصة وتشريع القوانين المهمة التي تساعد الدولة والمؤسسات الحكومية من اخذ دورها الفاعل في البناء والتقدم.