المنبرالحر

قانون شبكة الإعلام العراقي بين الواقع والطموح / د. اثمار الشطري*

أنني كمواطنة عراقية محبة لوطني لن اجامل او أُخفي ألمي وأنا أستمع لآراء الجمهور وفئات متنوعة منه لا تحبذ التواصل مع برامج شبكة الإعلام العراقي الممولة من قبل الدولة العراقية, التي يفترض انها تمثل الصوت المعبر عن آرائهم وعن ما في جوارحهم وأفكارهم.
ومن واقع عملي منذ سنوات في ادارة ملف الحريات العامة وحرية التعبير عن الرأي تحديداً, اعتقد ان ثمة ملابسات يجب ان نحددها ونضع لها الحلول, اهمها يكمن في قانون شبكة الاعلام العرقي المثير للجدل الذي يضم (29) مادة تُعنى باُمور مادية وادارية تفتقد الى الدقة والتحديد في رسم إستراتيجية عمل حقيقية وموضوعية وايضا وضع أُسس سليمة لحرية التعبير عن الرأي, وانما كان التركيز على إرضاء الكتل السياسية وتحديدا اللجنة البرلمانية المختصة في اختيار مجلس الأُمناء, ووضع وإقرار الآليات الإدارية والمالية لعمله وموازنته السنوية. ونحن?نعتقد ان ملف حرية التعبير عن الرأي بكل صوره ووسائله له ضرورة كبيرة في عراق اليوم وما جاء في بعض مواد القانون تتناقض مع ذلك.
بشكل عام نجد ان ما ورد من مواد في القانون تعزز ترسيخ المحاصصة في تشكيل مجلس أُمناء شبكة الإعلام العراقي, وانه افتقد الى وضع أسس عملية لاختيار كفاءات في إدارة الشبكة, مع تحديد مهامهم التي لا تقتصر على عقد اجتماعات نصف شهرية فقط, ولم تتم الإشارة الى ضرورة مراجعة اخطاء المرحلة السابقة والاستفادة من التجارب العالمية. وبشكل اكثر تحديدا نجد ان بعض مواد قانون شبكة الاعلام العراقي تتعارض مع المباديء الأساسية القانونية التي تجمع عليها قوانين الهيئات في العراق والتي من شأنها الحفاظ على استقلاليتها, ونجد هذا واضحا وج?يا في المواد (4) و (8) منه, حيث تكرس لعدم استقلالية الشبكة وارتباطها بالكتل السياسية المتمثلة باللجنة البرلمانية المختصة المشار اليها في القانون وتجعل الهيئة خاضعة بشكل مباشر لأهواء وأمزجة ومصالح تلك الكتل السياسية. كما وردت عدة أخطاء لغوية وتكرار يدلل على ان القانون كُتِب وشُرِع على عجالة ولم يخضع للمراجعة والتدقيق اللغوي والقانوني.
كما اشرنا الى عدم تناوله أهمية تداول المشاكل الاجتماعية وعرضها بواقعية تتناسب وحجم الضغوط المجتمعية والاضطرابات السلوكية الموجودة فعلاً في مجتمعنا من وجهة نظر تخصصية مع تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية وسبل المعالجة الآنية والمستقبلية.
واخيراً لم نلمس اهتماما واضحا بإشاعة ثقافة حقوق الانسان في مناهج القناة بما يتناسب وكل الفئات العمرية والوظيفية وتخصيص فترات مناسبة للبث حول افكار التسامح وتقبل الآخر وفق خطط تخصصية مدروسة.
وبالتالي نجد ان المواد الواردة في القانون تتناقض مع الاسباب الموجبة لتشريعه. ومن هنا ندعو الى تنظيم الجهود من قبل المختصين والناشطين والمهتمين لاعادة النظر بالقانون جملة وتفصيلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان