المنبرالحر

الغاء المحاصصة لايعني الإنفراد بالسلطة / د. مهندالبراك

اكتوى الشعب العراقي بنيران انفراد حزب واحد بالحكم، كما كان في زمان حكم البعث الصدامي الذي تسبب كنتيجة له بحكم فرد وصف نفسه بـ (القائد الضرورة) و اورث البلاد و المنطقة ارهاباً و دماءً و موتاً جماعياً . و رغم الحرب و الدمار الذي اسقط الدكتاتورية تطلع العراقيون الى نظام حكم جديد وُعِدوا به من القوى الدولية و الاقليمية التي شاركت بالحرب باشكال متنوعة، و شاركوا في مسيرته رغم انواع الإرهاب . . و تطلّعوا الى ان احدى المكتسبات الهامة للحكم الجديد كونه يقوم على اساس احترام الآخر و على تبادل سلمي للسلطة وفق انتخابات دستورية تتوفر فيها مقومات تصون الحريّات . .
و لإسباب كثيرة متداخلة و متنوعة يصعب حصرها في هذا المقال، تتراوح من ماهية من استلموا الحكم بمناصبه الاكثر حساسية و درجات تأهيلهم و كفاءاتهم، الى الإرهاب المتنوع المتأسلم برايات صراع الطوائف الذي تطوّر الى إحتلال متنوع الصور لأجزاء من البلاد.
و لتلك الأسباب آنفة الذكر و مستوى الوعي العام و للتلاعب بسير و نتائج الإنتخابات انحصر الحكم باغلبية مقاعد البرلمان بالتحالف الوطني الرافع لشعار كونه (البيت الشيعي) الساعي بالتعاون مع دوائر ايرانية خصوصاً لتحقيق وحدة صفوفه بأنواع الوسائل بعد الصراعات الدامية بين كتله . . حتى اسفر ذلك باتفاق اميركي الى استلام السيد المالكي حقيبة اكثر المناصب قوة و حساسية ، حقيبة رئاسة مجلس الوزراء.
و يرى سياسيون انه منذ استلام المالكي للحكم، اخذ الحكم ينحو منحى فرديّاً بشتى الحجج و الأعذار، حتى صار رئيس مجلس الوزراء هو القائد العام الفرد و صار مكتبه ينوب عن مجلس الوزراء باتخاذ القرارات من جهة و صار (رئيس الوزراء) يقود بشكل مباشر كل وزارات القوات المسلحة بأنواع صنوفها ، و اخذت مسيرة الحكم تنحى منحى طائفياً عائلياً اثار عليه مرجعية النجف بأعلى مراجعها مطالبة ايّاه بالحكم المدني و بتفرغ رجال الدين للدين و السياسيين للسياسة، حماية للدين و المذهب و الوطن . . في وقت اخضع فيه المالكي القضاء و الهيئات المستقلة الضابطة للمسيرة الدستورية، لقراراته.
اضافة الى ان وصول البلاد في دورات حكم المالكي الى حالات يرثى لها، من التركيب المشوّه للدولة و للحكومة، القائم على محاصصة جامدة شكلية و ليست فاعلة . . الى الصراعات الإثنية و القومية و الطائفية و الفشل في تحقيق الوحدة الوطنية، و اتباعه سياسات ترمي الى ضرب الكتل الحاكمة بعضها ببعض بشتى الحيل و بالتالي مقاطعة المرجعية العليا لسلوك حكمه . . الذي اوصل الى مأساة سقوط الموصل و الايزيدية و ثلث البلاد بيد داعش الإجرامية.
كل ذلك و غيره اثار الشعب و قواه و كتله من كل المذاهب و القوميات و مواقع التواصل و الصحف رغم انواع الضغوط و القمع ضد سياسة و نهج المالكي المستقوي بحزب الدعوة و السائر به ليكون الحزب الحاكم و القائد مهما كانت الأثمان . .
بل و صدرت انواع التصريحات من المالكي حينها تدعو، الى أن حكم المكوّنات غير ناجح ـ دون اي ذكر لأهمية الكفاءة ـ منطلقاً من ذات العقلية الطائفية في تفسير الحكم و الأحداث و الإنجازات و الإخفاقات، و كتعبير عن هدفه بان يتولى حزبه فقط الحكم بقيادته هو. و يرى مراقبون الى انه مضطر الآن للإحتماء مؤقتاً بمظلة التحالف الوطني (الشيعي) خوفاً من تقديمه للعدالة بسبب سقوط الموصل.
و يحذّر سياسيون من مخاطر ادوار المالكي على مسيرة البلاد، خاصة بعد إستمراره بقيادة حزبه الذي لم يحاسبه على نواقصه و اخطائه من جهة، و استمرار الدعم الخارجي له بوتائر اعلى من جهة اخرى، رغم ماتكبدته البلاد بسبب عدم آهلية و فساد حكمه. و يحذّرون من مخاطر محاولته قيادة قوات الحشد الشعبي بوجه قرارات و اجراءات السيد العبادي و مناداته بالإصلاح، لتعبيد طريق عودته هو للحكم . .
و يرى خبيرون ان المالكي و مؤيديه يحاولون توظيف المناخ الذي تثيره اجراءات الإصلاح و ألاحتجاجات الداعية للإصلاح و الى الحكم المدني و حكم الكفاءات المؤهلة، و الداعية الى انقاذ الحكم من الحيل و اللعب على مشاعر الجماهير برفعها شعارات " باسم الدين باكونا الحرامية " و الشعارات المطالبة بإنهاء حكم المحاصصة . .
يحاولون توظيفها بإظهار ان حزب الدعوة ليس الحزب الحاكم الوحيد و بالتالي لايتحمل لوحده مسؤولية ماحصل و انما كل اطراف التحالف الوطني، لتهيئته ـ تهيئة حزب الدعوة ـ بقيادة المالكي لتولي السلطة لوحده بالدعم الخارجي و تحالفاته.
رغم ما يواجهه من مقاومة فريق رئيس الوزراء العبادي (من الدعوة) الداعي للاصلاح، و مقاومة بقية اعضاء التحالف الوطني من التيار الصدري و المجلس الأعلى، اضافة الى الكتل الأخرى . . مدعومة بالجماهير الداعية الى الإصلاح و الحكم المدني انقاذاً لحياتها . .