المنبرالحر

وعد الملك الذي قتل الحارس / عاصي دالي

تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية وحالة الاحتقان التي يعانيها الشارع العراقي في ظل التقاسم الوظيفي الطائفي والإثني وتفشي فضائح الرشى والفساد الإداري والمالي واستمرار انقطاع الخدمات الأساسية بدرجة غير معقولة وفشل السلطات بكل تخصصاتها عن إيجاد حلول للواقع المر الذي يعيشه الفرد العراقي وكذلك سياسة أزمة تعقبها أزمة أخرى، كل هذه العوامل أدت الى الخروج بتظاهرات 25 شباط عام 2011 والتي تعاملت معها السلطة في حينها بإجراءات قمعية ومطاردة ناشطيها وإيداع قسم منهم في المعتقلات الأمنية وانتهاك حقوقهم الإنسانية وانتهاك الدستور العراقي الذي ضمن حق التظاهر السلمي. ورغم وعود الحكومة آنذاك التي تمثلت في مدة المائة يوم لإصلاح الوضع وإصلاح الكهرباء وتصديرها إلى الدول التي بحاجة لها مثل (( اليابان والصومال !! )) لكن تموز عام 2015 ودرجة حرارته التي تجاوزت 50 درجه مئوية والتي أدت إلى انهيار منظومتنا الكهربائية ما ادى إلى انطلاق الشرارة الأولى للتظاهرات الجماهيرية والتي قدمت الشهيد منتظر الحلفي قرباناً لهذا الحراك الشعبي دفعا السيد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى اتخاذ قرارات إصلاحية وهي إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فوراً وتقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة بضمنهم الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة والمدراء العامين والمحافظين وأعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم فيما وجه بإبعاد جميع المناصب العليا عن المحاصصة الحزبية والطائفية وإلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم وفيما وجه بفتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت إشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين وتعمل بمبدأ (من أين لك هذا) ودعا القضاء إلى اعتماد عدد من المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين وأكد العبادي أنه سيمضي في الإصلاحات التي وعد بها حتى لو ( كلفته حياته ). ويرى الكثير من المشاركين في التظاهرات إن وعود العبادي بالإصلاحات جاءت لتخدير الشعب العراقي.. وان لا تكون حسبتنه مثل ذاك الملك عندما رجع إلى قصره في ليلة شديدة البرودة ورأى حارسًا عجوزًا واقفًا بملابس رقيقة فاقترب منه الملك وسأله ألا تشعر بالبرد فردّ الحارس نعم أشعر بالبرد ولكنّي لا أمتلك لباسا دافئا فلا مناص لي من التحمّل فقال له الملك: سأدخل القصر الآن وأرسل لك لباسا دافئا، فرح الحارس بوعد الملك ولكن ما أن دخل الملك قصره حتى نسي وعده
وفي الصباح كان الحارس العجوز قد فارق الحياة وإلى جانبه ورقة كتب عليها بخط مرتجف أيّها الملك كنت أتحمّل البرد كل ليلة صامدًا ولكن وعدك لي بالملابس الدافئة سلب منّي أرادتي وقتلني.