المنبرالحر

حشيشة بالنعناع / ابراهيم الخياط

مالك بن الريب شاعر من بني تميم في نجد، اشتهر أوائل العصر الأموي بقصيدة واحدة صارت من غرر الشعر، كان شابا شجاعا فاتكاً لا ينام الليل إلا متوشحاً سيفه، ومرّ عليه سعيد بن عثمان بن عفان أثناء توجهه بجيشه من المدينة الى البصرة لإخماد فتنة بأرض خُراسان، فأغراه بالجهاد في سبيل الله بدلاّ من قطع الطرق وسلب الناس، فاستجاب مالك لنصح سعيد وذهب معه وشهد فتح سمرقند، وفي عودته بعد الغزو وبينما هم في منطقة عُنيزة التي تشتهر بكثافة أشجار )الغضا(، لسعته أفعى وهو في القيلولة فسرى السمّ في عروقه ويقال أنه هو من ترك السمّ يسري في جسمه بما يشبه الانتحار، وعندما أحس بالموت قال قصيدة رثى فيها نفسه، ومنها:
ألا ليــــت شـــــــعري هل أبيــتن ليلـــــةً
بجنب (الغضا) أزجي القلاص النواجيا
فليتَ (الغضا) لم يقطـعْ الركـبُ عرضــه
وليت (الغضا) ماشى الركـــاب ليـــاليا
لقد كان في أهل (الغضا) لو دنا (الغضا)
مزار ولكـــــــــن (الغضا) ليـــس دانيا
والغضا جمعٌ ومفرده غضاة، وهي شجرة صحراوية لها أهمية بيئية لأغراض إعادة تأهيل المراعي وتشجير جوانب الطرق الصحراوية، كما تدخل في صناعة الأثاث والورق والأصباغ.
ويعتبر خشب الغضا المصدر الرئيس للحطب والوقود في بيئاته، لصلابته، فاحتراقه ينتج كمية حرارة عالية ولمدة احتراق طويلة. أما أوراقه فهي تشكل غذاءً جيدا للكثير من الحيوانات الصحراوية البرية وغير البرية مثل الجمال والماعز والمها العربية وغيرها.
أما بيئياً فيلعبُ نبات الغضا دورا كبيرا ومهماً كعنصر نباتي في تثبيت الكثبان الرملية ومنع انجراف التربة، كما يعمل مصداً للرياح.
وتشممت وزارة البيئة رائحة الغضا فأعلنت عن حملة واسعة (وطنية أيضا) على أصحاب المقاهي الذين يستخدمون هذا النبات في عمل «النركيلة» وذلك درءا للآثار البيئية والصحية بسبب تلوث الهواء.
تجري هذه الحملة، فيما السلطات البيئية والصحية والأمنية المسؤولة تعلم أن «النركيلات» صارت تعتمر بـ «الحشيشة» وليس «الغضا»، وصارت المشافي تكتظ حتى بطالبات الجامعات من بنات الأقسام الداخلية، وهذا احد المدمنين يقول أنا استخدم المخدرات لنسيان وقائع الإرهاب، وجرائم القتل والأحوال المضطربة، وبسبب غياب الحريات ومصادرتها.
أما المحللون فيقولون: إن التصعيد في الهجمات الإرهابية دفع الحكومة إلى التركيز على القضايا الأمنية والتغاضي عن القضايا الأخرى ومنها المخدرات. وهذا كلام نصفه صحيح؛ فالأجهزة الحكومية تغض النظر عن المخدرات لأن مروجيها هم من المافيات المتنفذة محليا وإقليميا. فيما تشن حملة شعواء ضد «الغضا» المسكين وفق المادة 4/ مقاهي.