المنبرالحر

مدارسنا ... حكومية أم أهلية ؟! / عبدالسادة البصري

مدرستي الابتدائية التي تعلمت فيها الأبجدية الأولى ،وخطوت أولى خطواتي على طريق القراءة والكتابة، كانت عبارة عن بيتٍ استأجرته التربية منذ الخمسينيات وحتى بعد منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ليكون مدرسة لتلاميذ قريتنا، ضمَ هذا البيت مدرستين هما (الخليج العربي ، والمهلب بن أبي صفرة ) كان دوامهما بالتناوب، لم أكن الوحيد الذي تخرج من هذه المدرسة البيت ، بل مئات التلاميذ منهم الآن ( الطبيب والمهندس والأكاديمي والفنان والمعلم والضابط والمحامي ..الخ ).
كان التعليم وقتها نقشاً على الصخر لم ننسَ كلمة من دروسنا التي أخذناها ذلك الوقت أبدا،،وكانت الرقعة الجغرافية ما بين المدارس متناسبة جداً، بحيث تجد المسافة بين مدرستنا والمدارس الأخرى متساوية وموازية لبعضها لتستوعب جميع أبناء المنطقة وبالشكل الأمثل والأفضل،،استذكرت الآن مدرستي( البيت ) لأنني
في كل حديث عن المدارس الأهلية مع زملائي أو أصدقائي يصيبني شيء من الغثيان والقرف منها ،لا لشيء سوى إنني أقارن بينها وبين المدارس الحكومية وأضع بينهما أبناء الفقراء ومحدودي الدخل، وهذا ما يعكر صفو مزاجي في تلك اللحظة .. لأنني حينما أقرأ أو أسمع عن المدارس الأهلية في كل المدن العالمية والعربية أجد أن هناك تقنيناً ونسبةً قياسيةً بين عددها وعدد المدارس الحكومية ، كما أجد أن هناك احتسابا للنسب السكانية في أي منطقة وحسب هذه النسبة مضافا إليها عدد المدارس الحكومية تفتح مدارس أهلية ..وفي دراسة بسيطة لما حصل عندنا من افتتاح مهول لعدد كبير من المدارس الأهلية والذي يوازي أو يفوق عدد المدارس الحكومية في كل منطقة تصيبك حالة من الاندهاش والذهول ...كيف تسمح وزارة التربية متمثلة بمديرياتها العامة في المحافظات إلى افتتاح هكذا عدد من المدارس الأهلية؟ هذا السؤال الأول ...وهل فكرت الوزارة ومديرياتها بأبناء الفقراء وذوي الدخل المحدود ..أين يذهبون، والتدريس أصبح اقل من كل المستويات في المدارس الحكومية بسبب عين المعلمين والمدرسين على رواتب المدارس الأهلية وما يقدم فيها من مغريات ؟ هذا السؤال الثاني ....وهناك أسئلة وتساؤلات كثيرة لابد أن تقف عندها وزارة التربية لتفادي استفحال ظاهرة المدارس الأهلية التي تنشر إعلاناتها ومغرياتها وأسماء مدرسيها ومعلميها على جدران المدارس الحكومية يا للأسف.. !!