المنبرالحر

نصر.. ودروس / محمد عبد الرحمن

خلال الفترة الماضية حققت قواتنا المسلحة تقدما ملحوظا على طريق مقارعة داعش وازاحته عن مدينة الرمادي، بالرغم من البطء الذي شاب العمليات. ومن دون شك ان ذلك يشكل مقدمات مهمة على طريق تحرير كامل مدننا في الانبار وصلاح الدين وكركوك ونينوى، من دنس داعش وزمر الارهاب على اختلاف تلاوينها واجناسها.
و لابد للمرء المنصف، والمواطن الغيور على تراب وطنه وسيادته، والمتقاطع على طول الخط مع الفكر الظلامي لداعش واخواته من تنظيمات القتل والجريمة واعداء الحياة والانسان، إلا ان يرحب ويشيد باعلى صوت بهذا المنجز، ويعده مكسبا مهما لعوامل واسباب عدة لعل من بينها :
- ان ما تحقق يعكس، بهذا الشكل اوذاك، التوجه الى تحرير اراضينا ومواصلة المعركة ضد التنظيم الارهابي، بالرغم من الكثير من الصعوبات والتقاطعات والاختلافات السياسية وغيرها، وكذلك التقديرات المختلفة على ما بعد التحرير، وانطلاق البعض في ذلك من مصالحه الضيقة والانانية، وحسابات الربح والخسارة، بالرغم من مأساة الناس التي تتفاقم يوما بعد اخر.
- نهوض الجيش بدور كبير في معركة تحرير الرمادي، ما يشير الى امكانية اعادة بناء الجيش والقوات المسلحة عموما على اسس ومنطلقات جديدة لتقوم بدورها المرجو والمسنود اليها دستوريا. ومن الخطأ الشنيع اضعاف هذه المؤسسة لصالح اي عنوان اخر.
- جرى التيقن من الحاجة الى الإمكانات المحلية وضرورة عدم التفريط بها (ابناء العشائر والمتطوعون)، وان بامكانهم اذا ما وفرت لهم الفرص المناسبة وجرى تجهيزهم بشكل جيد، ان ينهضوا بدور لايعوض في مسك الارض وحماية ظهر القوات المندفعة الى امام.
على ان معركة الرمادي قد جددت الجدل بشأن طائفة من القضايا لها صلة بمستقبل المناطق المحررة من قبضة داعش والحاجة الماسة الى اطلاق حملة اعمار واسعة، متعددة التوجهات. السؤال هنا من ينهض بذلك؟ وهل تتوفر الاموال الان عند الدولة في ظروف التقشف والانخفاض المتواصل في اسعار النفط والعجز البين في الموازنة؟ وان توفرت الاموال سواء من الداخل، اوعبر مساعدات الخارج حيث لابد من دعوة العالم الى الاسهام في اعادة بناء ما دمره الارهاب، فهل ستصرف تلك الاموال في مكانها المناسب؟ ولا يذهب منها دينار واحد الى جيوب "اولي الامر" المت?فذين المتخمين اصلا؟! فما حدث وحصل في الاموال المخصصة للنازحين طري وما زال في الذاكرة رغم محاولات طي صفحته ورَكن ملفه، كما حصل مع ملفات اخرى عديدة.
وفي هذا السياق ايضا يتجدد الحديث عن قضايا النازحين وضرورة تسهيل عودتهم الى مدنهم وقراهم وبيوتهم من دون معوقات وحالا، لا كما حصل ـ وما زال يحصل، في أماكن اخرى، حيث رجوعهم يمر عبر فلتر غير مفهوم !.
وعلينا الاشارة الى ان هزيمة داعش عسكريا لا تعني الانتصار الكامل عليه، وهو ما يحتاج الى خطة متكاملة سياسية - فكرية، اقتصادية اجتماعية اعلامية ثقافية، وفي المقدمة يتوجب التمعن في مجمل الفترة الماضية والوقوف الجاد عند الاسباب اتي سهلت لداعش التمدد والسيطرة في 10 حزيران 2014 على مدننا الواحدة تلو الاخرى، واستيعاب دروس تلك الانتكاسة السياسية- الامنية، ومعالجة مواطن الخلل، التي باتت معروفة للداني والقاصي. ان لم يحصل هذا وفي وقت مناسب فقد تتكرر الظاهرة وباشكل اخرى.. فحذار!