المنبرالحر

رسائل جاسم المطير (51) أخرس يا مواطن واهتف تحيا الحكومة..!

في يوم الخميس الماضي قررتْ محكمة مصرية رفض قبول دعوى تقدّم بها المحامي حامد صديق. محام معروف في القاهرة ادّعى ان الشخص الذي يُحاكم ،الآن، أمام المحاكم المصرية ليس هو الرئيس محمد حسني مبارك، بل هو شبيهه لأن الرئيس المصري توفّاهُ الله عام 2004 بسرطان المثانة و تمّ دفنه ، سرّاً ، بمكانٍ ما . لتأكيد هذا الادعاء طالب المحامي بالمبادرة إلى استخراج جثته واخضاعها لتحليل (دي أن أي). كما طالبَ القيام بنفس التحليل مع نجليه علاء وجمال لتأكيد هذه الحقيقة.
هذه الدعوى ليست خيالا روائيا من الروائي الإنكليزي أج .جي. ويلز ولا خرافة من خرافات الماضي روتها لي جدتي المرحومة (حليمة) ولا هي مجرد خبر صادر عن مصارع ثيران اسباني فاشل، بل هو خبر نشرته بعض الصحافة المصرية، فيه كل مقوّمات البناء القانوني لدمج الواقع بالخيال، كان من نتيجته أن المحكمة الادارية عقدت اجتماعاتها للنظر في (اللائحة القانونية) المرفوعة من محامٍ يحمل هوية نقابة المحامين المصرية. كان قرار المحكمة النهائي رفض الدعوى من دون اي توبيخ للمحامي المذكور، الذي يبدو أنه مصر على الواقعة وربما يرغب بتمييزها .
اخبرني صديق من القاهرة أن الخبر منشور في بعض الصحف المصرية تحت عنوان ( صدّق أو لا تصدّق ) . هنا يترك الأمر إلى القراء أنفسهم إنْ أراد بعضهم أن يصدّق فله ما يشاء، وإن أراد أن لا يصدق فهو حر..!
منذ حكايات الف ليلة وليلة وحكايات ابن المقفع ومنذ حكايات كليلة ودمنة تتزايد أمام أعيننا حالات (صدّق أو لا تصدّق ) . قيل، مثلاً، أن الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين يعيش في أمريكا وأن الشخص الذي اعدم ببغداد هو شبيه صدام حسين. قيل قبلاً، ذات يوم، أن هتلر لم ينتحر بل نقلوه الى العيش، مع عشيقته، في جزيرة قبرص..! قيل الكثير من ابواب الغرائب والعجائب عن نابليون وستالين وملكة سبأ ومارلين مونرو تحت باب صحفي عنوانه : (صدّق أو لا تصدّق ) وهو باب واسع مفتوح دائما امام رجال عددهم قليل في الاعلام لكن نفعهم كثير لبعض المنتفعين..!
صدّق أو لا تصدّق: هي مسألة جوهرية في العصر الحالي، عصر المعلوماتية والرادار الخارق وعصر الاقمار الصناعية.. في هذا العصر لا يستعصي تذويب الكثير من أفعال الدول غير الديمقراطية تحت باب (صدّق أو لا تصدّق ) من أجل تمكين الدول الاستبدادية أن تغذي الصراعات الداخلية تحت خيار (السيف السرّي) لقتل الناس وإخفاء جثثهم أو رميها في حاويات أو على الارصفة وعليك أن تصدّق: المجرم مجهول..!
علينا أن نصدّق أن مختطف الناشط المدني جلال الشحماني مجهول.. علينا أن نصدّق أن قاتل المناضل كامل شياع ارهابي مجهول، وأن مختطفي الصيادين القطريين في صحراء السماوة عصابة مجهولة، وأن اسباب سقوط الموصل بيد داعش مجهولة، وان قتلة الشبان في سبايكر غير معروفين، وأن ناهبي المال العام من الخزينة العراقية تحتاج معرفتهم إلى وقت طويل، وأن الفاسدين العراقيين لا يستطيع القضاء العراقي محاكمتهم ..
صدّق أو لا تصدّق ان النازحين العراقيين لا يرتجفون الآن من برد الشتاء لأن الدولة أمّنت لهم دفئاً أوتوماتيكياً..!
صدّق أو لا تصدّق أن الحكومة العراقية وفّرت على الورق جميع المبالغ المخصصة لميزانية عام 2016 .. صدّق أو لا تصدّق الرأي الحكومي القائل أن اعادة تعمير الرمادي سيتم بعد تحريرها بساعات..! صدّق أو لا تصدّق أن احزاب الاسلام السياسي العراقي هي حركة عصرية مدنية تأخذ دروسها من الماضي السحيق. صدّق أو لا تصدّق أن الحكام العراقيين الجدد وأعوانهم ورثوا عن (حق) وبـ(القانون) جميع أملاك صدام حسين وأعوانه. صدّق أو لا تصدّق أن السيادة الوطنية العراقية مصانة جواً وبراً وبحراً.
صدّق أو لا تصدّق أن حكومة البصرة المحلية تكتب بحروفٍ من دماء المواطنين تاريخ هذه المدينة كشاهد على قوة العصابات الفردية والجمعية.
صدّق أو لا تصدّق أن الطبقة الرأسمالية الاسلامية المسيطرة على التجارة ،الخارجية والداخلية، مهتمة بتوحيد الأمة العراقية تحت شعار (الدينار اسلم والدولار اعظم).
صدّق أو لا تصدّق أن حكامنا لا يعرفون من هم المعتزلة والمتصوفة ومن هو ابو ذر الغفاري ولا محمد عبده..!
صدّق أو لا تصدّق أن تركيز قادة الاسلام السياسي صار منصباً على (الدنيا) وليس على (الآخرة) وصار أكثرهم يشككون بوجود الله سبحانه وتعالى ..!
صدّق أو لا تصدّق أن عام 2016 سيكون عام المتسولين العراقيين من اجل الحصول على القروض..!
لكن صدّق أن بغداد سوف تشفى من كل أمراض حكامها بعد حين ..!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 28 – 12