المنبرالحر

نادية مراد سفيرة النكبة الازيدية / سعيد غازي

استوطن الازيديون هذه الأرض قبل غيرهم وحافظوا على ديانتهم وطقوسهم عبر الحقب والازمان؛ موجات من الاقوام مختلفة الأفكار والديانات حلت بينهم وشاركتهم العيش في مناطقهم؛ بالرغم من الخلاف والاختلاف بتفاسير عقيدتهم لحد الجور بالغالب استبسلوا بالحفاظ على هويتهم الدينية كحق انساني مكتسب بالفطرة فهم يبجلون رب الانام بصلوات نقية النية باهرة الطلوع يمارسون فروضها بسعادة وخشوع..
سنجار موطنهم المقدس بمعابده وغدرانه؛ عند سفح جميل لجبل صارم بوسط برية واسعة بتربة خصبة ومياه غزيرة لشعب كريم احترف الزراعة فأثمرت أرضهم أطيب الكروم.
الثالث من أب 2015 هو اليوم الاشد ظلماً وظلاماً بتاريخ العراق المثخن بالمِحَن حين أطبق الهول على الازيديين وبلحظة غدر مبيته النية انتقاماُ من قوم جريرتهم فقط كونهم متمسكون بعقيدتهم المسالمة والمنغلقة عليهم دون غيرهم! وبتمهيد مُذِل ومخزي حين تقاعس الجند حماة حدود مناطقهم وولوا هاربين بدون قتال ولا حتى طلقات تحذير من الاف البنادق والتي كانت بحوزتهم.
حلَّ السَبَي إذن!!
فالمشهد ساخن كما تروي نادية مراد
هجوم مباغت وبسرعة فائقة التنفيذ كما التخطيط فالضحايا مكتسبين الدرجة القطعية بالإبادة الماحقة لأهل الدار
والضحايا مصنفين الى أربعة اقسام...
الرجال خيارهم واضح الموت الفوري قتلاُ بالرصاص جميعا فالقوم على عجلة من امر غزوتهم
النساء من لا يصلحنَّ للنكاح فالموت قتلا بالرصاص نصيبهنّ أيضا
الصبيان صيدهم الثمين فهم جيل القتل القادم بعد تأهيلهم ذهنياً
الصبايا سبايا فَهُنَّ الكسب الالذ والادسم لإشباع غرائزهم الوحشية
أكثر من أربعة الاف شابة وطفلة قد وقعّنَ بالأسر سبايا كَتبّنَ بأجسادهن المنتهكة جوراً مرثية القرن الواحد والعشرين الأشد ايلاماً بمرأى ومسمع الجميع من اديان، وسياسيون من مختلف القوميات والملل بدءًا من الطبقة الحاكمة مروراً بكل المسميات التي عَجَّ بها العراق الجديد!
الأمم المتحدة وبجلسة رسمية لمجلس الامن الدولي فسحت من وقتها لنادية مراد لكي تسمع العالم المصاب والبلوى الذي حل بقومها الازيديون وفي عقر دارهم وذنبهم سوى ما جلبت لهم الفطرة بأنهم قوم ذي دين يخالف من جاورهم وهم به الأسبق.
الشابة نادية مراد المهضومة الروح والمسلوبة بالقوة لأعز ما للمرأة " عفتها" شرحت هول مصيبتها امام العالم الحر بسابقة فريدة لامرأة نجيبة كظمت على مشاعرها وغالبت دموعها لأكثر من مرة بدون تَصنّع أو تمثيل؛ كادت ان تنهار باكية ولكنها وببسالة نادرة جمعت بقايا قواها المحطمة لتعلن للعالم توثيقا فريدا لبشاعة سَبيَها فأبكت الملايين من البشر
نعم تطوعت تلك الفتاة الشرقية والقادمة من مجتمع حاد التقاليد ذات الاثنين والعشرين ربيعاُ صاحبة الجسم النحيل والمحيا الوقور، وبجرأة غير مسبوقة اسمعت العالم كيف يمر الانسان بمرارة لا تصدق فهاهم قاتلي أمها واخوتها الستة واهل قريتها وأبناء جلدتها هم ذاتهم الموغلون بهوسهم وشذوذ لذتهم بسادية مبتكرة يتناوبون عليها؛ ولكي يكملوا ذروة نزواتهم يطالبونها والسبايا الاخريات بارتداء ملابس أكثر اثارة ومساحيق تجميل!
نادية مراد لم تيأس بالرغم من التجافي الغريب من مؤسسات وطنها الام فالعالم المتمدن الحر مدَّ لها يد العون؛ ساعدها وجبرَ بخاطرها؛ مَهّدَ لها السبل ودرَبها بالحق للوقوف بوجه من قَرَرَ ارتهانها مسبية ذليلة، تجوب الدول ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان مكتسبة التأييد نصرة لشقيقاتها المرتهنات سبياً وقتلاً
بعد ان تقاعست للأسف دولتنا الجديدة من الاخذ بيدها وإبراز شدة نكبتها كنموذج بائن ومهم للهجمة الشرسة التي يتعرض لها العراق جراء الاجتياح الذي حل بأرضه وشعبه وهو يحارب وبدماء أبنائه نيابة عن العالم كما يعلن ساستنا امام انظار ومسامع العالم من اجل كسب الوّد والتأييد المادي، العسكري والمعنوي لدحر الإرهاب بالعراق .
وزارة الخارجية ودورها المفترض بتبني قضية الضحية العراقية غائب تماما والسبب ضعف الكفاءة وضيق الأفق الممزوج بعدم المهنية فنشاط وزارة الخارجية بات يبحث خارج المدار!
كان الاجدر طبعاً برئيس جمهورية العراق المحترم ان يلتقي بالباسلة نادية مراد قبل السبق اللافت للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وما تلاها من مقابلة جريئة مع الشيخ مفتي الازهر الشريف وتوكيده الصريح لما يفعله داعش مخالف لجميع الشرائع مع التعاطف والاهتمام الاعلامي الكبير من أوساط اجتماعية وثقافية رفيعة في عموم جمهورية مصر العربية!
وكذا الحال مع السيد رئيس مجلس النواب كونه رئيس برلمان لكل الشعب العراقي كما نص قَسَم اليمين الدستوري على اقل تقدير!!
الدكتور حيدر العبادي مطالب بحكم الدستور باعتباره الرئيس التنفيذي للعراق ان يلتقي بالهاربة من مخالب الغول نادية مراد بمقابلة مرئية ليؤكد فيها بانها بنت العراق الحر وانه بلد يتسع للجميع وحريص كل الحرص على بقاء سكانه الأوائل الاوفياء لبلدهم جزء حيوي وفعال في الحقوق والواجبات؛ انها جزء من اعلام المعركة بأقل تقدير يا حضرة رئيس الوزراء!
فنادية مراد أعلنت بوضوح عن حقيقة أخرى لا تقل مرارة عن السبي وهي الهجرة لما تبقي من طوائف ومكونات العراق الأخرى
وبرغم ما تعرضت له لم تتخل عن العراق في كلمتها المؤثرة في الأمم المتحدة حين قرأت كلمتها بلغة عربية جيدة بالرغم من الصعوبة الملموسة ببعض الكلمات بل العكس فهي لازالت تحلم بعراق قوي معافى يقول بها كلمة الحق النيرة وبدون مواربة لتزيح الظلم والجور والذي لحق بشرائح عديدة من المجتمع العراقي
نادية مراد من جانبها أيضا لم تنسى الموقف النبيل لمن أعانها بل ردت بالشكر والعرفان للعائلة المسلمة الموصلية الشجاعة والتي ساعدتها على الهروب من قبضة داعش في مقابلتها مع قناة البغدادية ‘وعلى ذكر مبادرة قناة البغدادية المزدوجة بإيجاب محترم حيث افردت مقابلة مهمة على برنامج التاسعة وتبعها ترتيب بجهد مميز من قبل رئيس القناة بمقابلة للناجية مع الرئيس اليوناني
اليس لقناة العراقية إلزام وطني ومهني يلحقه سبق اعلامي مميز بلقاء البطلة نادية مراد؟
وهل صحف العراق والعريقة منها لا تعي أهمية هذه القضية الوطنية كمادة اعلامية مثيرة مثلاً!؟
تحية واحترام للسفيرة الشجاعة نادية مراد
السويد/كانون الثاني/2016