المنبرالحر

البرجوزاية الهجينة أجنداتها ضد التغيير الحقيقي / د. علي الخالدي

ما يشغل بال المثقفين العراقيين في الوطن والخارج ، هو إنتشار لغة الغيبيات ، وفقدان بوصلة التعرف الى جذور الثقافة العراقية ، بطغيان لغة التجييش الطائفي والمذهبي على المسرح الثقافي العراقي وإنحياز عدد ليس بالقليل من المتعلمين والمثقفين اﻷسلاميين السياسيين ، وأصطفافهم في جوقة صمت اﻷحزاب اﻹسلامية ، التي رافقت تحركات البنت العراقية اﻷيزيدية نادية مراد ، وهي تجهر علنا أمام الرأي العام العربي والعالمي ، بما تقوم به داعش من جرائم ضد اﻷنسانية وبصورة خاصة كشفها حقائق طرق سبي النساء غير المسلمات ، في أجواء تجاهل اﻹعلام الحكومي وإعلام اﻷحزاب الحاكمة التي تمتلك اﻹمكانيات المادية واللوجستية ، وعدم اﻷخذ بيد هذه الشابة العراقية ، لتقوم بعرض ما تحدثت به للعراقيين عبر وسائلها اﻹعلامية ، أسوة بما فعلته البغدادية ، وكأن اﻷمر لا يعنيهم ، مما أثار إستغراب المراقبين من موقف الصمت الرسمي ، تجاه ما طرحته اﻷخت نادية والذي يُعتقد ان وراءه تقف ثقافة اﻷستحرام والتكفير التي تقع في أوليات أجندات هذه الطبقة البرجوازية الهجينة والتي صاحبت إنتعاشها السياسي واﻹقتصادي ، وظهر بشكل واضح على الصعيد الداخلي والخارجي من خلال التراجع في إيصال ما يجب أن تقدمه الحكومة للمنكوبين بجرائم داعش، وعدم التضامن وإياهم بالتبرع من ما سرقوه من المال العام ويستثمروه في دول جنسيتهم الثانية ، مما شكل أساءة لا تغتفر الى القيم الوطنية واﻹنسانية التي يحملها المواطن العراقي
في فترة حكم اﻷحزاب اﻹسلامية الحالية لبست طلائع هذه الطبقة البرجوازية الهجينة جلباب الطائفة والمذهب ، فبلفوا بسطاء الناس بنصرة مظلومية هذه الطائفة وتلك . ومع تراكم ثرواتهم (وهم فقراء أﻷصل ) وبمساعدة دول الجوار وأصحاب إمتياز إسقاط الصنم، أصبح لهم دور سياسي أقتصادي إجتماعي فاعل في المجتمع ، تميز بربط الدين بالسياسة وبحكمهم ، الذي فيه جعلوا من الفساد سيد الموقف ، والفاسدون هم من بيدهم أمر البلاد والعباد ، ناقلين الشعب والوطن الى حافة اﻹنهيار المالي واﻹقتصادي ، مما حدى بالداعين الى التغيير الحقيقي ، أن يصيحوا بملء افواههم في ساحات التظاهر ، بإسم الدين باكونا الحرامية ، فهل هناك مغزى أعمق من هذه اﻹساءه لقادة هذه الطبقة البرجوازية الهجينة؟ المعادية لكل ما هو مدني يدعو للتحضر . علاوة على ذلك في ظل حكمها تعمقت اﻷمية ، وأهمل التعامل مع التنمية البشرية وتطوير الثقافة ، وفرض حصار على مباهج الحياة اليومية للمواطنين ، وحذفت الموسيقى والغناء والمسرح من المناهج التعليمية
،( يقال حصول بعض اﻹنفراج لممارستها حاليا بعد التظاهرات) ، ليحل محلها بهرجة المناسبات المذهبية والطائفية في الشارع ، وتوجيه كل المردودات اﻹيجابية ﻹسقاط الصنم بما فيها البرامج التعليمية لخدمة الفكر المذهبي والطائفي ، وعلى يدها ( البرجوازية الهجينة ) غيبت مباهج الفرح التثقيفية و المسرحية من الحياة اليومية للناس ، وتم توجيهها نحو إحياء التقاليد العائلية والعشائرية البالية التي تقف بالضد من تحرر المراءة العراقية.
من المعروف على الصعيد الوطني إن قادة الطبقات اﻹجتماعية ( الطبقة العاملة والبرجوازية والرأسمالية ) ، وكذلك قادة اﻷحزاب الوطنية العراقية ، والذين تسلطوا على الحكم في العهود السابقة يفتخروا بجنسيتهم العراقية فحسب . بينما أغلبية قادة الطبقة البرجوازية الهجينة الحاكمة حاليا ، من مزدوجي الجنسية التي يتمسكون بها ، بالرغم من موقف الدستور منها ، لمعرفتهم المسبقة أن الجنسية الثانية ستحميهم عند ملاحقتهم بسبب التزوير والفساد وسرقة المال العام ، بالهروب اليها ، حيث عوائلهم تقيم هناك ، ولذلك قاموا بتهريب ما سرقوه من المال العام والسحت الحرام ليستثمروه فيها ، أما من بقي منهم ملتصقا بالكرسي فقد عزل نفسه في منطقة محصنة بعيدة عن الشعب تتمتع بكافة سبل الحياة المرفهة من خدمات وأمن ، فماذا نسمي حقبة حكم البرجوازية الهجينة غير حقبة حكم الفساد والفشل والتدهور الفكري والثقافي ، التي تتماهى في الجوهر مع حقبة المقابر الجماعية !؟
بسبب فقدانهم للكفاءة المهنية والعلمية ، وعدم حزمهم وتقاعسهم في التصدي ﻹحتلال داعش للموصل ، وإيقاف إمتدادها الذي دنس ثلث أرض العراق ، ينهمك جيشنا الباسل وقواتنا اﻷمنية بإعادة اﻷعتبار للشعب والوطن ، وإصلاح ما أساءوا اليهما، بما يحققاه من أنتصارات على داعش في معركة التحرير للمدن التي أستباحتها.
لقد أجمعت الجماهير الشعبية ومثقفيها في ساحات التظاهر على أن التغيير وفتح مسالك تنمية الروح الوطنية والبشرية ، يتم عبر المطالبة المستمرة في تبني اﻹصلاح والنهوض بالتغيير الحقيقي الذي ينشده الشعب والوطن ، ليكون في مقدمة ما يكتبوه ، بلغة سلسة بسيطة تخرق حواجز الخوف ، وبإستعمال مفردات لغة حوار تخاطب العقل وتؤثر فيه ، وتسعى الى تربية اﻷنسان المنتج ليكون مؤهلا لحماية الهوية الوطنية العراقية الكفيلة بردع أدوات إعاقة تحقيق التغيير الحقيقي التي تملكتها الطبقة البرجوازية الهجينة الحاكمة طيلة عقدين من حكمها ، وتطهير اﻷجهزة التي عشعشت فيها من عناصرها كي يبقى العراق محافظا على هويته وكيانه الجغرافي.