المنبرالحر

سِياسَةُ "خَلَفَ الروف"! / يوسف أَبو الفوز

في زيارتنا الدورية، لبيت صديقي الصدوق أَبُو سُكينة، كانت الأجواء يشوبها التوتر أثر العملية الأرهابية في منطقة بغداد الجديدة. قالوا أن أم سُكينة كادت أن تنهار في الساعات الاولى قلقا على مصير أختها وعائلتها الذين يسكنون المنطقة. وتطلب الامر وقتا طويلا لتهدأ رغم حديثها مع أختها هاتفيا ووصول الكثير من التفاصيل عن الحادثة الاجرامية.
قالت سُكينة : العصابات الارهابية تحاول اثبات قوتها ووجودها بعد الهزائم والخسائر التي تكبدتها على يد أبناء القوات المسلحة في مناطق الانبار .
قال أَبُو جَلِيل : لن ننتصر على «داعش» الا اذا قضينا على «ماعش» !
فوجد جَلِيل مفتاحا للحديث عن الحلف المشين بين قوى الارهاب وقوى الفساد، وكونهما أساس تخريب الوطن . وراح جَلِيل يشرح بحماس أستغرابه من العهود والمواعيد التي يقدمها السياسيون كل مرة، للقضاء على الفساد وتحقيق أحلام الناس بحياة أمنة كريمة وسعيدة. كانت نبرة صوته عالية لحد أن من لا يعرفه يظنه يصرخ : منذ سقوط الصنم ونحن نسمع هذه الوعود، لا أعرف كيف يمكن لهم ان يقدموا الوعود للناس وهم يعرفون جيدا ...
وقاطعه أَبُو جَلِيل قائلاً: وهم يعرفون أنهم يطبخون شوربتهم بقدر مزروف !
أبتسمنا جميعا ، وواصل جليل حماسه : نعم ، هذا تشبيه صحيح ، كيف يمكن ان تقضي على الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية، وانت تعتمد نفس المنهج منذ سقوط الصنم؟ أقصد نهج المحاصصة الطائفية والاثنية في حكم الدولة وادارتها؟ الدولة العراقية تكاد تضمحل امام سلطة المليشيات والمحسوبية والمنسوبية و ...
تنحنح ابو سكينة وقال : لا يمكن تنفيذ أي وعد اذا ظلت الدولة لا حول لها أمام سلطة ونفوذ سياسيي الصدفة الذين كل شغلهم صار بمنطق «خلف الروف»!
أَبُو سُكينة اعاد يعيد للذهن حديثي معه قبل فترة، اذ ذكرني صديق من ايام الطفولة بحكاية الساتر الترابي الذي أقيم حول العديد من مدن الفرات الاوسط لحمايتها من الفيضان المحتمل . هذا الساتر الذي كان يمتد مثل هلال حول بعض المدن من جهة النهر وكنا نسميه « الروف «. ايامها منعنا اهلنا بحزم، نحن الصبيان والفتيان الصغار، من الذهاب «خلف الروف»، فهناك كانت تمارس كل الاشياء الممنوعة والمرفوضة من المجتمع. هناك «خلف الروف» كان يختبىء اللصوص وبضائعهم المسروقة، ويمارس البعض افعالهم المشينة، ولاعبو القمار ينصبون موائد الأحتيال، وغير ذلك الكثير.
ومنها ان البعض من رجال الشرطة صاروا من رواد المكان، حيث يستلمون الرشاوي علنا مقابل عدم المساس بعالم ما «خلف الروف»!!