المنبرالحر

لن نسكت.. مستمرون / جاسم الحلفي

أنجزت اللجنة التحضيرية لمؤتمر حركات الاحتجاج أعمالها بشكل مرضٍ، حيث اعدت مسودة وثيقة مطالب المتظاهرين ورؤيتهم الى الاصلاح، وطرحتها للنقاش العام على المواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي. وحظيت المسودة باهتمام واسع من لدن المهتمين والناشطين، وجرى التفاعل معها بشكل جيد. وتمكنت اللجنة من جمع الآراء والملاحظات في شأنها، وقامت بتحسين الورقة على ضوء التدقيقات التي وردت، كما صاغت ورقتين أحداهما تخص آليات الحراك وتطويرها بما يؤمن تواصل زخم التظاهرات ويزيد من فعاليتها، والورقة الثانية تتناول قواعد السلوك التي تنظم التظاهرات وعمل لجان التنسيق.
وقامت اللجنة ايضا خلال الفترة المنصرمة بانجاز الامور التنظيمية عبر الاتصال بتنسيقيات المحافظات وناشطي حركات الاحتجاج، والاتفاق على صيغ التمثيل بما يضمن اوسع تمثيل ممكن. كما توقفت عند الامور اللوجستية، وتبنت التوجه نحو عقد المؤتمر باقل كلفة وابسط صورة، نظرا الى ان مؤتمر حركات الاحتجاج، اسوة بالاشتراك في التظاهرات، امر طوعي لا تمويل له من أي مصدر غير المتظاهرين انفسهم. وهكذا فان تمويله يعتمد على تبرعات عدد من النشطاء، بعد ان حُددت لعقده ميزانية قدرها 3 ملايين دينار. وقد تم جمع 80 في المائة من هذه الميزانية، وتسعى اللجنة الى تأمين المتبقي من اعضاء المؤتمر انفسهم.
وسينفق المبلغ بحرص وتدبير شديدين على تمويل الامور الاساسية جدا، واولها حجز قاعة لعقد المؤتمر. وقد وافق مجلس السلم والتضامن مشكورا على فتح ابواب مقره لعقد الجلسة الموسعة للجنة التحضيرية قبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر. وستذهب بقية المبلغ لتسديد كلف وجبة الغداء في يوم المؤتمر، واجور غرف زهيدة الاسعار لعدد محدد من مندوبي المحافظات. اما الورق والطباعة والاستنساخ فقد تكفل بها احد النشطاء، مشاركة منه في حملة التبرع.
اننا نورد هنا هذه التفاصيل لكي نبيّن ان التطوع هو ثروتنا التي لا تنضب، وقيمتنا الانسانية التي لا تقدر بثمن ، وهو ايضا يجسد الاستعداد لمواصلة الاحتجاج ما دام الفساد متمترسا في مواقعه بمؤسسات الدولة ومرافقها لا يتزحزح. فالناشطون مستمرون في كفاحهم المناهض للمحاصصة الطائفية والاثنية، التي هي أسّ البلاء وباب الخراب، وهي صانعة البيئة المناسبة لنمو الارهاب والفساد وازدهارهما.
وقد لاحظت اللجنة التحضيرية اتساع حركة الاحتجاج واجتذابها فئات تضررت من سياسات التقشف المالي في قطاعات عمل متنوعة، وفي جميع المحافظات، وجلها من الفئات محدودة الدخل. ومعلوم ان التوجه نحو عدم التجديد لعمال العقود، والتلويح باحالة موظفين الى التقاعد برواتب ضعيفة، ما زالا مستمرين.
كما تيقنت اللجنة من ان السلطات الثلاث لم تكترث لصيحات الاحتجاج، ولم تنفذ الوعود التي اطلقتها في اوراق اصلاح معززة بجداول زمنية وتوقيتات دقيقة. بل ونراها تنفست الصعداء بعد تراجع اعداد المتظاهرين في ساحات التظاهر ايام الجمع، وهي على هذا الصعيد فقدت بصيرتها ولم تدرك ان التراجع ليس ناجما عن قناعة بان الامور تسير على ما يرام، بل عن التصور ان الاسلوب السلمي والتظاهر لا يجديان نفعا مع طغمة تحكم بعيدا عن ارادة الناس.
سيدرس المؤتمر خيارات عديدة لمواصلة الاحتجاج السلمي وتنويع اساليبه ورفع درجات الضغط، بهدف التغيير واعادة بناء العملية السياسية، لتنهض على اساس المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، من دون تفرد واستحواذ او تهميش واستبعاد. فالعراق لكل العراقيين، مهما كانت انتماءاتهم القومية والمذهبية والفكرية والمناطقية.
ومن بين رسائل عديدة ستصدر عن المؤتمر، هناك الـ لوغو الذي سيحمل صورة نصب الحرية وعلى جانبيه صورتا الشهيدين هادي المهدي الذي استشهد على اثر تظاهرات 25 شباط 2011، ومنتظر الحلفي الذي استشهد في اول تظاهرة احتجاج في تموز 2015.
وهناك ايضا الرسالة التي سيتوج بها المؤتمرون اعمالهم، حين يتوجهون في تظاهرة راجلة من قاعة المؤتمر الى ساحة التحرير.
اما الرسالة الثالثة فيعكسها شعار المؤتمر الذي صيغ بايجاز شديد:
«لن نسكت... # مستمرون»