المنبرالحر

من المسؤول ؟! / محمد عبد الرحمن

الازمة الاقتصادية المالية بدات تلقي بثقلها على الجميع ، بما في ذلك الحكومة .وعلت الاصوات المتحدثة عن اسبابها وهي سهلة التعداد للمتابعين الموضوعيين .وتظل الاشارة الى الحكومات السابقة ومسؤوليتها ، والقوى المتنفذة في السلطات المختلفة وصاحبة القرار فيها، امرا لا يريد البعض من الكتاب والمحللين والمتخصصين التوقف عنده ، فيما يركزون فقط على اسعار النفط وهبوطها والمؤامرة السياسية المرتبطة بذلك. واذ لا يمكن غض النظر عن حقيقة وجود من يتآمر على مصالح الشعوب لتنفيذ اجندات سياسية معينة ، دولية واقليمية ، فلا بد من التساؤل: من يا ترى سهل لهؤلاء تمرير مخططاتهم وتناغم معها ضمنيا، من دون ادراك، او به ربما ؟
اكاد اجزم انه لم يكن بين هؤلاء من يدعو إلى الفكر الاشتراكي العلمي او يتبناه، فمواقف الاخيرين معروفة، وفي مقدمتها مطالبتهم المتواصلة بان يكون للدولة توجه واضح استراتيجي يشمل كافة المناحي، وبضمن ذلك القضايا الاقتصادية والمالية، كذلك دعوتهم المتكررة الى الاستخدام العقلاني للموارد وتوظيفها لاحداث نقلة نوعية باتجاه تحقيق تنمية مستدامة وشيء من العدالة الاجتماعية. وهم ، اعني الاشتراكيين، دعوا مرارا الى تنويع مصادر الدخل، والتحسب ازاء تقلبات اسعار النفط، وعدم الاعتماد عليه كمصدر وحيد ، ومن هنا جاءت مناشداتهم المتكررة للاهتمام بالقطاعات المنتجة: زراعية وصناعية وخدمية.
والمتنفذون على اختلاف تلاوينهم، وفي مختلف مواقع المسؤولية في الدولة ، وليس الاشتراكيين ، هم من اضاع وهدر المال العام واخّر تقدم البلد ، وهم من توجه اليهم اصابع الاتهام في ملفات الفساد الكبرى ، التي ما زالت تبحث عن قاض عادل شجاع جريء لفتحها وتفعيل القانون بحق من ارتكب هذه الجرائم وغيرها، بحق الشعب والوطن.
والاشتراكيون يعارضون عن قناعة بيع ممتلكات الدولة ودورها وقصورها ومعاملها بشكل خردة ، وبأسعار بخسة، لصالح المتنفذين والمتحالفين معهم من الطفيليين والمقاولين والتجار الكبار الفاسدين ، وهو ما يروج له هذه الايام .
وبعد .. فمن المسؤول عن المشاريع الفاشلة او المتلكئة، او تلك التي قُبض ثمنها وظلت حبرا على ورق و زادت كلفها عن مئات مليارات الدولارات ؟ ومن المسؤول عن تبذير اموال موازنة 2014 بمليارات دولاراتها الـ 140 ، ولا احد يدري كيف صرفت والعهدة في ذلك على البرلمان ولجانه المالية والاقتصادية ؟
ولعل الاخطر ان نسأل من هو المسؤول عن تسهيل مهمة داعش وتمددها واحتلالها ما يزيد عن ثلث اراضي بلدنا، ومن الذي اسهم بسياساته العرجاء والهوجاء في اضعاف قدرات البلاد وقواها المسلحة على المساهمة في معركة شعبنا العادلة ضد الارهاب ومنظماته ؟ ومن المسؤول عن اضعاف هيبة الدولة واضعاف دور مؤسساتها الامنية، مقابل اطلاق يد « المليشيات الوقحة « و» السائبة « و « الخارجة عن القانون « وعصابات الجريمة المنظمة ، وعطّل التنفيذ العملي لمطلب حصر السلاح بيد الدولة ؟!
اليست صراعات القوى المتنفذة على السلطة والنفوذ والمال وعلى مراكز القوة والقرار ، ودفاعها المستميث عن المحاصصة الطائفية- الاثنية ، التي هي ام البلايا ، وتسابق الطائفيين والمتعصبين على تأجيج المشاعر ونفخهم في صورة الانتماءات الفرعية ، اليست هذه هي ما اضعف النسيج الاجتماعي ، وثلم الوحدة الوطنية ، وشوه مبدا المواطنة ، واوصلنا الى ما نحن عليه من سوء، وجعل مصير البلد في مهب الريح، يعبث به كل من هب ودب من القوى الخارجية ؟!
نعم .. المتنفذون منذ التغيير في 2003 حتى الان، هم المسؤولون بدرجات متفاوتة ، عما حل بالعراق من خراب ودمار ، وليس الاشتراكيين ، كما يحاول البعض ان يوهم الناس !